نظّم مركز الدراسات المتوسطية والدولية في إطار برنامجه معهد تونس للسياسية مساء أمس الخميس 19 ماى 2023 لقاءا حواريا تحت عنوان “الكسكسي السياسي حول “الانتقال الطاقي: التحديات والرهانات ” بمشاركة الخبير في الطاقة الأستاذ خالد قدور وبحضور عدد من قدماء معهد تونس للسياسة من ممثلي المجتمع المدني والأحزاب السياسية.
خالد قدور استعرض واقع المجال الطاقي في تونس والتحديات التي تنتظر بلادنا لتحقيق الانتقال الطاقي وكسب عديد الرهانات الهامة ومتعددة الأبعاد، معتبرا أن الطاقة مجال استراتيجي بجميع المواصفات بالتوازي مع المياه مهما كان منوال التنمية وذلك لما له من انعكاسات مباشرة على الأمن والاستقرار والبيئة والاقتصاد و المستوى الاجتماعي وعلى تحسين نوعية حياة المواطنين.
وأبرز الخبير في الطاقة أن مواجهة التحديات في المجال الطاقي لا يمكن مواجهتها على المستوى الوطني فقط باعتبار أن الطاقة قطاع معولم وله انعكاساته على المستوى الجيوسياسي فضلا على إشكالية الحوكمة وحسن إدارة هذا المجال الحيوي والهام، مشيرا إلى أن إنتاج بلادنا من الطاقة انخفض تقريبا الى النصف في السنوات العشر الأخيرة حيث تقلّص الإنتاج من 75 ألف برميل الى 35 ألف برميل حاليا.
كما أشار خالد قدور في هذا الإطار أن السبب الأصلي لتقلص الإنتاج هو غياب الشركات الكبرى للاستثمار في مجال الطاقة في تونس والقيام بعمليات البحث والاستكشاف والتنقيب ثم المرور الى الاستغلال حيث انخفض عدد رخص البحث عن البترول والغاز من 56 رخصة بحث للبترول والغاز سنة 2010 إلى 16 رخصة بحث حاليا، وهو ما يؤكد مغادرة العديد من الشركات إلى بلدان أخرى، مرجعا ذلك إلى أن بلادنا أصبحت في السنوات الأخيرة وجهة غير جاذبة في مجال الطاقة وهو ما يستدعي مراجعة مجلة المحروقات والتشريعات الجاري بها العمل لإعادة جلب المستثمرين.
وأكد الخبير في الطاقة أنه يجب ضبط رؤية شاملة في مجال الطاقة في تونس وتصور بعيد المدى للرفع من الإنتاج وتحقيق الأمان الطاقي والتمّكن من ضبط مسارات العمل في علاقة بمسألة المياه والغاز التي لها ارتباطات مباشرة بمجال الطاقة.
واعتبر قدور أن تجاوز الأزمة الهيكلية والمتعددة الأبعاد التي يعيشها قطاع الطاقة في تونس حاليا يتطلب تحسين جاذبية تونس لجلب الاستثمار والذي يمر ضرورة بأهمية تنقيح مجلة المحروقات و لرسم استراتيجية كاملة في المدى البعيد ترتكز على الطاقات المتجددة.
وأوضح الخبير في مجال الطاقة أن الرفع مستوى الإنتاج يتطلب تحقيق الأمان الطاقي والتعويل على الطاقات المتجددة وتعزيز الحوكمة في القطاع ،مشيرا أن تحقيق هذه الرؤية والتصور يتبلور ضرورة وفق مخطط شامل متوسط وبعيد المدى بالتوازي مع مخطط عاجل لحل المشاكل الراهنة والمتشعبة في المجال الطاقي.
في المقابل استعرض المشاركون في هذا اللقاء الحوار عديد الإشكاليات والتساؤلات الجوهرية في علاقة بواقع القطاع الطاقي في تونس والتحديات المطروحة ومكبّلات تحقيق الأمان الطاقي والرفع من التنافسية، مؤكدين على أن ضبط رؤية شاملة بعيدة المدى ومتوسطة المدى وأخرى عاجلة بهدف حل المشاكل الهيكلية التي يعيشها القطاع والمرور إلى ضبط برنامج كامل للنهوض بالقطاع قابل للتنفيذ مع الأخذ بعين الاعتبار الطاقات المتجددة كركيزة أساسية لتحقيقي الانتقال الطاقي في السنوات المقبلة بالتوازي مع عديد المسائل الأخرى على غرار تنقيح مجلة المحروقات لإعادة جلب المستثمرين في قطاع الطاقة للرفع من الإنتاجية والتنافسية وتحقيق الأمان الطاقي.