إثر معاينتها التعاطي الإعلامي مع موضوع الأزمة الصحية في تونس من قبل بعض الصحفيين والإعلاميين وما رُصد من تشنج تجاوز في بعض الأحيان حدود التعامل العقلاني مع الأحداث والمواضيع ذات العلاقة،
يهم الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري تذكير الصحفيين بأهمية الدور المنوط بعهدتهم تجاه المجتمع ومسؤوليتهم في نشر المعرفة وتقديم المعلومة الدقيقة والالتزام بالموضوعية من خلال رؤية نقدية بناءة بعيدا عن الانفعال.
كما تدعو الهيئة الصحفيين إلى ضرورة الانتباه إلى مخاطر الإسهاب في استعراض المشاعر الشخصية على حساب الوقائع والحيثيات دون تقديم الإضافة، ما من شأنه أن يؤدي إلى الانسياق وراء خطابات “شعبوية” غير مسؤولة تدعو المواطنات والمواطنين إلى عدم الاكتراث بمؤسسات الدولة بتعلة فشلها في إدارة الأزمة الصحية.
ولئن تذكر الهيئة أنه من واجب الصحفي حث المواطنات والمواطنين على الاهتمام بالشأن العام وتنمية التفكير النقدي ومراكمة تقاليد رقابة أجهزة الدولة وتصرفها في المال العام وترسيخ قيم المساءلة، فإنها تدعو، في هذا الإطار، إلى عدم الاكتفاء بصحافة الرأي وبضرورة مزيد اعتماد الأجناس الصحفية الأخرى التي تساعد على الفهم والإدراك والتحليل وخاصة منها الصحافة التفسيرية.
كما تذكر الهيئة بأهمية وظيفة وسائل الإعلام في تأصيل النقاش العام وعقلنته خاصة في مثل هذه السياقات التي تعيشها البلاد والتي تشهد تطورا في أساليب وتقنيات التحكم في الرأي العام والتلاعب بالمشاعر والقناعات الشخصية على حساب ما تقتضيه الحقيقة من تناول نقدي للواقع أساسه تعدد الآراء وتنوعها واختلافها.
وإذ تدرك الهيئة الظروف الصعبة التي تحيط بعمل الصحفيين للقيام بدورهم، فإنها تحثهم على اعتماد الشفافية في التعاطي مع مثل هذه الملفات والابتعاد عن كل ما يضر بمصداقية الإعلام وأخلاقياته.
عن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري
الرئيس النوري اللجمي