full screen background image
   الخميس 21 نوفمبر 2024
ر

“أم البلدان” عمل مسرحي تاريخي ضخم لعزالدين المدني من اخراج حافظ خليفة

لا يختلف اثنان في ان عز الدين المدني يعتبر من أهم الكتاب على المستوى المحلي والعربي حتى أن  المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون المعروف باسم «بيت الحكمة» رشحه سنة 2019 لنيل جائزة نوبل للآداب  .

ترجمت مدونته الفكرية الهامة إلى عدد كبير من لغات العالم، وتعتبر مسرحياته مرجعا فكريا وتاريخيا منذ ستينات القرن الماضي على غرار «ثورة صاحب الحمار»، و«رأس الغول» و«ديوان الزنج»، و«مولاي السلطان الحفصي»، و«تعازي فاطمية»، و«الغفران»، و«التربيع والتدوير»، و«رحلة الحلاّج»، «الله ينصر سيدنا» وقد تعامل مع عديد المخرجين مع نصوصه لعل أشهرهم علي بن عياد في مسرحية ثورة صاحب الحمار والمنصف السويسي في ديوان الزنج.

مسرحية “ام البلدان” هي آخر آخر أعماله المسرحية ويلتقي فيها مع المخرج حافظ خليفة للمرة الثالثة بعد مسرحية “رسائل الحرية ” و”عزيزة عثمانة

وتتضمن أحداث المسرحية التاريخية فترة أبو زكريّاء الحفصي مؤسّس الدولة الحفصيّة في القرن الثالث عشر الميلادي وتقديم تونس كأم البلدان الداعية إلى رفض كل أشكال محو آثار السابقين، والمؤمنة بحتميّة الابتكار والتجديد من أجل تأسيس دولة العدل والانصاف، المشروطة بقيم العمل والحريّة واحترام القوانين.

ويدعو عزالدين المدني فيها إلى قيم كونيّة لأنّ بناء الدولة العادلة في نظره يشترط الوعي بأهميّة مفاهيم الأمن والسلام والتآزر « بين الإنسان والإنسان »، رفضا للانتمائيّة الضيّقة، ولن تتحقّق هذه المدينة العادلة والمنصفة وفقا للمؤلّف في ظلّ غياب وعي علميّ وحسّ إبداعي، إذ لا توقد المصابيح إلاّ بشموع العلوم والمعارف التي عبرها تتحوّل عتمة الليل إلى نور وهّاج.

ويتفرد الكاتب عزالدين المدني في كتاباته بأن يقف منذ  الستينيات ضد ما يسميه بثرثرة النص المسرحي العربي وضد الكلمة والمعاني الساذجة التي ترد في الكثير من المسرحيات أو الكلمة القاموسية القديمة.. حتى لا يحمل الجمهور قاموسه لفهم هذه الكلمات.. لهذا حسب تعبيره  يجب أن تكون الكلمة مفهومة ومعبرة و بالنسبة له كثيرا ما يعمد الى تنقية نصه المسرحي من فائض الأفكار والكلمات حتى يكون نصا متماسكا وإذا حذفت أو أضيفت كلمة أو جملة يحدث خللا  في البناء الدرامي وهذا ما يسميه شخصيا بحوليات النص المسرحي فهذا الحرث إن صح التعبير هو تنقية النص في كل مرة يدفعه إلى أن يكون ناقدا لنصه حتى يصل الى تماسكه فاشتغاله على اللغة يأخذ جانبين،الأول: هو اعتماد الكلمة الدرامية الفنية المؤثرة والثاني: هو التأويل.. بمعنى أن الكلمة الدرامية متعددة المستويات والمعاني.

وفي لقاء خاطف مع المخرج حافظ خليفة وعن مسرحية أم البلدان وتعامله للمرة الثالثة مع الكاتب الكبير عزالدين المدني أفادنا بأن التعامل مع الكاتب العملاق عزالدين المدني شرف كبير باعتبار تاريخه الأدبي والفني الكبير ومرجعياته الفكرية وغزارة انتاجه فعزالدين المدني عاشق لتونس ولتاريخ تونس

وأعماله الأدبية والفكرية كانت محور أطروحات جامعية في تونس والسوربون (فرنسا) وبروكسل (بلجيكا) وميلانو (إيطاليا) والمغرب…‏ كما تمت ترجمة عدد من أعماله المسرحية والروائية إلى اللغة الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والروسية  إضافة إلى مساهماته في مجموعة من الموسوعات المسرحية من بينها: المعجم الموسوعي الفرنسي، وقاموس المسرح بالهيئة العامة المصرية للكتاب، والمعجم الموسوعي الكندي

وبعد أن نالني شرف التعامل مع في رسائل الحرية وعزيزة عثمانة ألتقي معه من جديد في عمل مسرحي كبير “تونس أم البلدان ” لتقديم تونس كأم البلدان وليس كام الدنيا فحسب باعتبار أن فالنص حمال لأوجه متعددة كأننا في زمن معاصر في حالة بناء الدولة فالعمل سيكون بين الآن وهناك في إطار فنطازيا تاريخية مدروسة بملابس مبتكرة وباعتماد الكوريغرافيا والاستعراض إضافة إلى الاعتماد على سينوغرافيا متحركة وعلى الجانب الرقمي في الصورة المشهدية .