بقلم:منصف كريمي
كاهية مدير المؤسسات والعمل الثقافي
بالمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بجندوبة
تعيش بلادنا آواخر شهر ديسمبر القادم على ايقاع انتخابات أعضاء المجالس المحلية والتي ستجرى في كل الدوائر الانتخابية بالمعتمديات بما من شأنه ان يفرز أعضاء مجالس محلية للتنمية تهيئ لانتخابات المجالس الجهوية فالاقليمية وبما من شأنه ان يعاضد مجهودات الدولة في التنمية القاعدية وفق الاختيارات المحلية تكريسا لللامركزية كمبدإ دستوري ولان القطاع الثقافي يعد من القطاعات الاستراتيجية التي تعوّل عليها دول العالم المتقدم وتونس من الأكيد انها تراهن عليه حاضرا ومستقبلا في التنمية البشرية والاقتصادية إضافة إلى أهمية دوره في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وذلك تفاعلا مع تجارب معيارية ومقارنة في أقطار متقدمة شأنا والتي انضوت سياساتها الإصلاحية الثقافية على اعتبارات أربعة ووهي إدراج الثقافة ضمن منظومات الحوكمة المستدامة للممتلكات والخدمات الثقافية من تعلم وإبداع وإنتاج وتوزيع وترويج ونفاذ ووساطة والمساواة في الجنس الثقافي وإقامة علاقة متوازنة بين الممتلكات والخدمات الثقافية في علاقة بالحقوق الثقافية والكفاءات والأقطاب الجهوية للثقافة والسياسات الأفقية والسياسات البديلة وإدراج الثقافة في سياسات إستباقية واعتماد سياسات ديناميكية مندمجة لا تقصي أحدا وشعارها الثقافة التضامنية التي تقرّ بالحقوق والحريات الفردية والعامة،بات من الضروري ان نبحث عن أهمية دور المجالس المحلية الجديدة في تكريس هذه المبادىء والتوجّهات وفق انتظارات الفاعلين الثقافيين والمواطنين بالجهات الداخلية
واذ لاحظنا ان المقاربات التشاركية لدعم المؤسسات الثقافية أضحت اليوم تحتاج إلى مراجعة أدوارها وتأهيلها الفعلي وفق مستجدّات الحوكمة المحلية والتوجّه القاعدي وفقا لمقتضيات الدستور ومبادئه وبما يهدف الى ترجمة هذه المبادئ إلى مقاربة إستراتيجية للسياسة الثقافية تقوم على ترجمة مبدإ الحق في الثقافة إلى واقع يومي عام وشامل وبناء ثقافة مواطنية من خلال الديمقراطية التشاركية وتكريس اللامركزية الثقافية والحكومة المحلية للشأن الثقافي ودعم إسهام الثقافة في التنمية والتشغيل والانخراط ضمن الاقتصاد الثقافي الرقمي وتثمين التراث والمواقع والمعالم الأثرية في علاقتها بحفظ الذاكرة الوطنية وبالتنمية المستدامة خصوصا أن التحولات التي يعيشها القطاع الثقافي اليوم هي نتاج خيارات وزارة الشؤون الثقافية كما انه من أهم التحديات التي تمثّل المنطلق والركيزة لإرساء هذه التوجهات هو تفعيل لامركزية الفعل الثقافي وآليات التشاركية فان الامل معقود في المجالس المحلية لدعم الشراكات بين المؤسسات الثقافية من جهة باعتبار مراكمتها لرصيد مهم على المستوى التشريعي والبنية التحتية والموارد البشرية والخبرة في إدارة الشأن الثقافي المحلي والجهوي وسائر الفاعلين الثقافيين من المنظمات والجمعيات والخواص والمبدعين والمثقفين بصفتهم حاملي مشاريع إبداعية وبصفتهم “المواطنية” وباتجاه التخلّص شيئا فشيئا من تبعية المركز وتطوير مبادراته وفقا لخصوصياته وسياقاته الثقافية والتنموية بما يستدعي ضرورة التفكير في الجانب المتعلّق بتنمية الموارد سواء المعرفية أو البشرية أو المالية وطرح الأسئلة المتعلّقة بشأنها واستعراض المتاح منها حتى لا يبقى مقتصرا على فئة معينة وتجسيما لمبدإ الثقافة للجميع وفي كل مكان
وعمليا يمكن للمجالس المحلية الحرص على الدفاع على:
– تفعيل فحوى ما جاء بالدستور التونسي من ضرورة مساهمة الجماعات المحلية في دعم المؤسسات الثقافية بتخصيص منح من ميزانيات البلديات لدعم دور الثقافة في اطار الحكم المحلي – ضرورة تفعيل مبدإ التمييز الايجابي بين الجهات في المسألة الثقافية بما يحقق التوازن الثقافي الجهوي
– مراجعة توقيت العمل بالمؤسسات الثقافية وفق خصوصيات القطاع دفعا لديمومة الأنشطة الثقافية – تطوير ميزانيات المؤسسات الثقافية بما يتماهى ودعم الجمعيات المتدخلة في الشأن الثقافي
– اقرار شراكات فعلية وعملية بين المؤسسات الثقافية وهياكل المجتمع المدني بما يحقق التناغم بين الأدوار والأهداف وتدخلات كل طرف – القطع مع الأنشطة الكلاسيكية المتداولة وإقرار تنظيم تظاهرات تستهدف كل الفئات بمن فيهم ذوي الاحتياجات الخصوصية ووفق أفكار ومشاريع ورؤى هادفة وطريفة ونابعة من الخصوصيات المحلية
– العناية بجمالية المؤسسات الثقافية وفق الخصوصيات المعمارية المحلية المميّزة وهذا من شأنه إتاحة فرص المبادرة كتمشّ لبناء الديمقراطية والمواطنة من جهة وكفعل تنموي بأبعاده الاجتماعية وخاصة الاقتصادية من جهة أخرى وضمن رؤية مبتكرة ومتجدّدة تواكب المتغيّرات الاجتماعية وعبر مقاربات تقوم على آلية الديمقراطية التشاركية المؤسساتية والقانونية التي تهدف الى ضمان مشاركة المواطنات والمواطنين في النهوض بالفعل الثقافي وعبر مداخل تحفّز المجتمع المدني على الاضطلاع بأدواره كشريك فاعل في ضبط توجهات السياسة الثقافية وتحقيق أهداف البرامج الوطنية للثقافة والتي تكرّس المبدأ الدستوري “الحق في الثقافة”وعبر صياغة مبادرات واقعية وملموسة من خلال خاصة مدونة للشراكة بين المؤسسات الثقافية والجمعيات تضع أسس وآليات الحوار والتشارك وتأهيلها وتطويرها عبر الاستشهار والرعاية الثقافية والشراكة وبما يعكس التنوع الثقافي التونسي وتفرده وانسجامه مع الخصوصيات الجهوية والبيئة المحلية ووفق هذا التمشي يمكن ان يكون للمجالس المحلية الجديدة دورها الهام في:
• ترجمة مبدأ الحق في الثقافة إلى واقع يومي عام وشامل،
• بناء ثقافة مواطنية من خلال الديمقراطية التشاركية مع السلطات الجهوية والمحلية والمجتمع المدني،
• تكريس اللامركزية الثقافية والحوكمة المحلية في الشأن الثقافي بالانطلاق في جعل الجهات أقطاب تنموية ومبادرة ثقافية جهوية ومحلية،
• اعتماد الاقتصاد الثقافي الرقمي والصناعات الإبداعية الثقافية ودعم حوكمة الإدارة من خلال مفهوم متجدد للاقتصاد الثقافي الاجتماعي التضامني الذي يجعل الثقافة تساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تنمية الموارد والثروات الوطنية التابعة لوزارات معاضدة للعمل الثقافي، وهي وزارات الخارجية والتربية والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية والسياحة والفلاحة والنقل والتعاون الدولي…
• تثمين التراث والمواقع والمعالم الأثرية في علاقتها بحفظ الذاكرة الوطنية والتنمية المستدامة، ويمكن تجسيم هذه الأهداف من خلال برامج خصوصية يكون منطلقها الجهات والمدن خارج الوعي بالمركز والمركزية دون أفضلية ولا أولوية بين الجهات على غرار برامج المبادرة الثقافية والصناعات الإبداعية والتجديد التكنولوجي والاقتصاد الثقافي الاجتماعي والتضامني وبرامج الجيل الشاب من المستثمرين والمبدعين الى جانب تكريس البرامج الخصوصية الثقافية التي تتصل بالثقــــافة العمالية والثقافة الحدودية والثقافة المندمجة والتضامنية الموجهة إلى ذوي الاحتياجات الخصوصية والمساجين وكبار السن والمرأة الريفية والأحياء ذات الكثافة السكانية وعمليا من المهم في اطار دور المجالس المحلية للتنمية:
– بعث وتعميم المجالس البلدية للثقافة وذلك في اطار اللامركزية وحل الاشكاليات المحلية وتثمين الدور الجديد للبلدية وفق الدستور في ما يخص الشأن الثقافي
– إحداث مؤسسات ثقافية كبرى وتطوير شبكة المرافق العمومية الجهوية وتأهيل المؤسسات الثقافية
– تشجيع بعث الفضاءات الثقافية المفتوحة وخاصة مسارح الهواء الطلق
– ترميم المعالم التاريخية وتحديد المواقع الأثرية ورسمها
– تنفيذ برنامج التهيئة المتحفية والعرض المتحفي
– دعم بعث شركات اهلية ذات صلة بالقطاع الثقافي والحرف والفنون
– دعم تسجيل التراث المادي واللامادي على لائحة التراث العالمي