يجسد المجتمع المدني اليوم، دورا هاما وفعالا في تغيير السياسات من خلال التواصل والمناصرة لقضايا مختلفة إلى جانب التأثير على المؤسسات والرأي العام الوطني والمحلي، 922 جمعية في قفصة حسب مركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات تمثل مجتمعا مدنيا يأمل في عكس أثر إيجابي للجهة خاصة على الصعيد السياسي الذي بات يؤثر على كافة المجالات الأخرى.
وتعيش تونس يوم 25 جويلية 2022، على وقع استفتاء دستوري يحدد مصير دستور 2014، فأي دور للمجتمع المدني في قفصة اليوم في ظل ما تعيشه البلاد سياسيا على غرار هذا الاستفتاء؟ وهل يساهم المجتمع المدني في قفصة في إيصال المعلومة للمواطنين أم أن هناك عراقيل تحول دون ذلك؟
قمنا في بداية الاشتغال على هذا الموضوع بتحضير استمارة هدفها معرفة مدى تواصل هذه الجمعيات وتفاعلها مع المواطنين في قفصة، واخترنا أن نشتغل على استمارة الكترونية تشمل 48 مواطنا أصيلي جهة قفصة لنتأكد من مدى تفاعل المجتمع المدني هناك. وتمثلت الفئة العمرية لهذه العينة العشوائية التي اخترنا الاشتغال عليها بين 18 و 56 سنة مقسمة بين إناث وذكور.
وتمثل سؤال الاستمارة الأول في “هل لديك فكرة عن الجمعيات والمنظمات في قفصة؟” وانقسمت الإجابات بين 60% ممن أجابوا بلا أي أن ليس لديهم فكرة عن المجتمع المدني في قفصة و40% ممن أجابوا بنعم مثلما هو موضح في الرسم البياني التالي:
وتفاعلا مع هذه الإجابات، أردنا توجيه سؤال للمواطنين ممن أجابوا بنعم في السؤال السابق، مفاده ” هل يتفاعل المجتمع المدني في قفصة مع المواطنين؟” حيث انحصرت الإجابة بنعم في نسبة 25% من المستجوبين في حين أجاب 75% منهم بلا مثلما هو مبين في الرسم الآتي:
ثم توجهنا لهم بالسؤال ” هل تعتبر (ين) أن المجتمع المدني مصدر للمعلومة ذات الشأن السياسي في قفصة؟” فأجاب 35% من المستجوبين بنعم في حين أجاب 65% منهم بلا، مثلما يوضحه الرسم البياني التالي:
ويمكن الاستنتاج من هذا الاستبيان أنه ورغم وفرة الجمعيات والمنظمات في قفصة، إلا أن تفاعلها مع المواطنين بقي محدودا وهو ما دعانا إلى ضرورة التواصل مع جمعيات ومنظمات مدنية تنشط على كامل ولاية قفصة، على أن تكون غير مشاركة في الحملة الاستفتائية، وكذلك أن تكون مهتمة بالشأن السياسي الوطني والمحلي. وتوصلنا في نهاية بحثنا انتقاء إلى ثلاث جمعيات وهي جمعية عتيد فرع قفصة وجمعية مرصد شاهد فرع قفصة وجمعية إنماء للتكافل الاجتماعي والعمل التنموي بقفصة.
جمعية “عتيد” حاضرة للاستفتاء
وفي حديثنا مع المنسق الجهوي للجمعية التونسية لنزاهة وديمقراطية الانتخابات بقفصة عتيد، بديع ساعي، أخبرنا أن من “أهداف الجمعية هو إرساء منظومة انتخابية نزيهة وشفافة لكي تضمن للشعب سيادته إلى جانب المشاركة في بناء انتقال ديمقراطي وتفعيل الديمقراطية التشاركية في ظل مجتمع مدني قوي و متشبع بالقيم العالمية لحقوق الإنسان”.
وواصل ساعي كلامه مشيرا إلى أن “تحقق ذلك يكون بضمان متابعة ومراقبة سير العمليات الانتخابية بمختلف أنواعها، تشريعية ورئاسية وبلدية، التي مرت بها بلادنا وذلك لضمان تطابقها مع مبادئ الديمقراطية
وفي سؤالنا عن مدى تفاعل عتيد مع المواطنين يجيبنا ساعي أن التواصل مع المواطنين يتم من خلال “تحسيسهم بحقوقهم وواجباتهم المتعلقة بمفهوم الديمقراطية بشكل عام والنظام الديمقراطي بشكل خاص”. مؤكدا أن ذلك هو “ما يهم هذه الجمعية بدرجة أولى، متابعا أن عتيد تعمل على تنظيم أنشطة مختلفة يقع ممارستها بشكل دوري على مستوى جهوي ومركزي مثل المحاضرات والندوات والملتقيات والحلقات التدريبية والحملات التحسيسية التي تقام في الشارع والأسواق والجامعة كذلك”، مضيفا أن “الهدف الأساسي من ذلك هو نشر مفهوم الديمقراطية والانتخابات بصفة عامة”.
أما فيما يخص الاستفتاء، أشار ساعي إلى أن “عتيد ستكون حاضرة في هذه المحطة الانتخابية كما سبق لها وذلك في المحطات الانتخابية السابقة، من خلال تكوين مجموعة من الملاحظين والمنخرطين في الجمعية وتوزعهم حسب الإستراتيجية المضبوطة من الهيئة الوطنية لجمعية عتيد أي سيكون هناك ملاحظون قارون وملاحظون خارج مراكز الاقتراع في الساحة تحديدا لمراقبة الجو العام بهدف رصد التجاوزات إن وجدت”.
وأفاد ساعي أن “جمعية عتيد تعمل حاليا على مراقبة حملة الاستفتاء من خلال استمارة أعدتها الجمعية لرصد التجاوزات ثم كتابة تقارير يومية في الغرض، مؤكدا أنهم حريصون على تطبيق قيمة الموضوعية من خلال تكوين ملاحظين إلى جانب الاعتماد على مدونة السلوك”.
وفي مرحلة ثانية، يضيف ساعي في نهاية تصريحه أنه “ستكون هناك مراقبة ليوم الصمت الانتخابي ويوم الاقتراع بما في ذلك مراقبة عملية الفرز وإعداد تقارير شاملة لكافة المسار”.
https://soundcloud.com/ichrak-elmouaddeb/2-m4a
وتعمل جمعية عتيد خلال هذه الحملة بالوقوف على التجاوزات التي تقوم بها مختلف الأطراف المشاركة، وتعمل على كتابة تقارير وبيانات ومطالب حيث توجهت عتيد يوم 13 جويلية المنقضي ببيان تطالب فيه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات “بالشفافية الكاملة حول عملية تسجيل الناخبين وكشف ما شاب السجل من انتهاكات”.
المصدر: الصفحة الرسمية لجمعية عتيد على موقع فيسبوك
مرصد شاهد “مكلف بنقل المعلومة”
في اتصالنا بالمنسق الجهوي لمرصد شاهد حسني شكري، أخبرنا أن “التواصل مع المواطنين في قفصة يكون عبر طريقتين مختلفتين، تكون الأولى عن طريق الاتصال المباشر من خلال ندوات أو اجتماعات للجمعية أما الطريقة الثانية فهي تكمن من خلال استغلال الفضاء الافتراضي من خلال صفحة الفايسبوك أو التيك توك بالاعتماد على نشر فيديوهات قصيرة أو مقالات ويقع التفاعل معها ثم أخذ القرار إما بإعداد ندوة أو اعتماد المناصرة وهي طريقة للدفاع عن قضية أو مشروع مجتمعي باتباع عدة مراحل منها الاتصال المباشر”.
ويؤكد شكري أن مرصد شاهد” تعمل على التزام الحياد والتعامل مع كامل الأطراف على حد سواء سوى عبر الصفحة أو التواصل المباشر، مشيرا إلى أن المعلومة دائما ما يتم حصرها عند المكلف بالإعلام وعادة ما يكون مختصا لضمان الشفافية”.
وأضاف شكري أن الجمعية تعمل ضمن إستراتيجية واضحة وهي الرصد فالتوثيق والتحقق ثم الإعلام.
وتعمل جمعية مرصد شاهد خلال هذه الفترة على ملاحظة سير الحملة الانتخابية وملاحظة عملية انطلاق تسجيل الناخبين في وقت أسبق، من خلال إعداد بلاغات في شكل معلومة تقوم بنشرها على صفحة الفايسبوك.
المصدر: الصفحة الرسمية لمصدر شاهد على موقع فيسبوك
جمعية الإنماء للتكافل الاجتماعي “تلاحظ في الاستفتاء”
وفي لقائنا برئيس جمعية انماء للتكافل الاجتماعي والعمل التنموي، حسين باهية، أخبرنا “أن دور هذه الجمعية يرتكز على النوع الاجتماعي”، مشيرا إلى أن “الجمعية ستعمل على التركيز على المرأة في حال تعرضها لصعوبات أو عراقيل أو مضايقات خلال عملية الاقتراع.”
وأضاف باهية أن الجمعية ستقف على رصد “ملاحظات متعلقة بالتحضيرات والتجهيزات اللازمة في مراكز الاقتراع التي من شأنها أن تسهل تحرك ذوي الإعاقة”.
وفي ما يخص الاستفتاء، أشار باهية إلى” أن الجمعية ستعمل خلال الاستفتاء بنظام المناوبات بين أعوانها على أن يجهز كل عون تقريرا كتابيا بعد نهاية مناوبته.”
ويشدد باهية على أن دور جمعية انماء “يقتصر على الملاحظة فقط، حيث أكد أن هناك أعوان مختصين بالمراقبة لكن عملهم ضمن الجمعية سيقتصر على ملاحظة ما يجري في مراكز الاقتراع”.
<هيئة فرعية في قفصة تحجب المعلومة
في اتصالنا بالهيئة الفرعية للانتخابات بقفصة، تم تحديد موعد هاتفي للحديث أكثر عن مدى تنسيق الهيئة مع مختلف جمعيات ومنظمات المجتمع المدني بقفصة، تفاجئنا بحظر رقم هاتفنا من قبل رئيس الهيئة عند حلول الموعد المتفق عليه. وهو ما نستنكره ونشدد على حقنا في الحصول على المعلومة والنفاذ إليها.
ورغم المجهودات التي يقوم بها المجتمع المدني في قفصة المتمثل في جمعيات وطنية ومحلية، يبقى تفاعلها مع المواطنين محدودا وهي نقطة يجب الاشتغال عليها في المحطات الانتخابية القادمة لما يمثله المواطن من ركيزة في المجتمع.
جدير بالذكر أن هذا العمل يندرج ضمن برنامج “مراسلو الديمقراطية المحلية: مراسلون” الذي تشرف عليه المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية IFES.