full screen background image
   الأربعاء 10 سبتمبر 2025
ر

“عشاق الدنيا “: التنظيم المحكم يصنع الفارق ويبهر الجمهور

احتضن مساء أمس 9 سبتمبر 2025 مسرح قرطاج عرض عشاق الدنيا بالشراكة مع قروب بودينار، في سهرة أثبتت مرة أخرى قوة العمل الفني وقدرته على جذب الجمهور رغم تقلبات الطقس.

رغم هذه الظروف المناخية، أبى الجمهور إلا أن يكون وفياً للعرض في عودته الثانية على الركح، ليثبت مرّة أخرى أنّ الأعمال التي تنبض بروح التونسيين تظل قادرة على استقطاب القلوب قبل العيون.

منذ اللحظات الأولى، امتلأت المقاعد بالحاضرين الذين تحدّوا الأجواء غير المستقرة، في مشهد عكس شغف الجمهور بهذا العمل المسرحي الغنائي الاستثنائي. فالعرض الذي جمع بين قوة الأداء الحي، جمال اللوحات الاستعراضية، وثراء الإيقاعات الشعبية، تحوّل إلى احتفال جماعي بالهوية والثقافة.

نجوم الفن الشعبي الذين صعدوا على الركح أضفوا على السهرة طابعاً خاصاً، حيث رددوا باقة من الأغاني الراسخة في ذاكرة الجمهور. وما إن انطلقت الألحان حتى تجاوب الحاضرون معها بحماس، مردّدين الكلمات عن ظهر قلب، فانتعشت الأجواء وتحول المسرح إلى كرنفال من الفرح والوفاء للأغنية الشعبية التونسية. نجاح العرض دعمه بشكل كبير حسن التنظيم، الذي جعل السهرة تنساب بسلاسة ويشعر فيها الجمهور بالراحة والأمان.

الإقبال الكبير لم يقتصر على الجمهور العادي فحسب، بل حضر أيضاً عدد من الوجوه المعروفة في الوسطين الثقافي والإعلامي، ما منح السهرة زخماً إضافياً وأكد مكانة عشاق الدنيا في المشهد الفني التونسي.

من الناحية التنظيمية، حافظ ڨروب بودينار على نفس الصرامة والدقة التي عرف بها في جميع العروض كحسن استقبال الضيوف، والانتباه إلى أدق التفاصيل التقنية والفنية، جعلت من التنظيم عنصراً مكملاً لنجاح السهرة. وهو ما أثار ارتياحاً واسعاً بين الحاضرين الذين ثمّنوا الجهد المبذول لضمان سهرة تليق بمسرح كبير وبعمل جماهيري. ولعلّ أجمل لحظات العرض تجسدت في تفاعل الجمهور مع الأغاني والمشاهد، حيث لم يكن مجرد متفرج سلبي، بل تحوّل إلى شريك حيّ في السردية الفنية، مردداً الأهازيج ومصفقاً بحرارة مع كل مشهد يلامس وجدانه.

العودة الثانية لعرض عشاق الدنيا لم تكن حدثاً عادياً، بل جسدت رمزية خاصة لأنها جاءت استجابة لطلب الجمهور نفسه. هذا التفاعل بين العمل الفني ومحبّيه يكرس مكانة المسرح كفضاء حيّ يُصنع فيه الإبداع بقدر ما يُصنع في قلوب الناس، ويؤكد أن الأعمال التي تلامس العمق الشعبي تظل قادرة على التجدد والبقاء.

ويُسجَّل في هذا الإطار الحضور الفاعل لقروب بودينار، الذي أثبت مرة أخرى أن سر النجاح يكمن في حسن التنظيم والتنسيق الدقيق بين مختلف الفرق. التنظيم المحكم جعل من السهرة نموذجاً يُحتذى به في كيفية الجمع بين الفن والجمهور في أجواء راقية وآمنة، ما دعم نجاح العرض ورفع من قيمته الفنية والجماهيرية.

هكذا، أثبت عشاق الدنيا أنّه ليس مجرد عرض عابر، بل تجربة فنية وجماعية متجددة، تجمع بين سحر الركح ووفاء جمهور لا يعرف الاستسلام حتى أمام تغيرات الطقس.