ضمن فعاليا ت الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي قدمت الفنانة المصرية مي فاروق اليوم 16 أوت حفلا للإحتفاء بالذكرى الخمسين لوفاة كوكب الشرق أم كلثوم . منذ حلت الفنانة على تونس شرعت في التمارين والبروفات صحبة فرقة تحتوي أمهر العارفين التونسيين بقيادة المايسترو محمد الأسود وهو إختيار قد أصابت فيه وقبل الحفل بأيام تم إستقبال مي من قبل سعادة السفير المصري باسم حسن وتم تنظيم حفل إستقبال بمقر سكنه تضمن الحفل وجوه ثقافية وفنية تونسية ومصرية وكانت فرصة لتوطيد أواصل المحبة بين البلدين وثبت من خلال ذاك أن الفن هو جسر تقارب وتلاقح ثقافي وإحتفت الديبلوماسية المصرية كما يجب بالفنانة مي فاروق.
قبل الحفل بدقائق كانت البداية مع شريط وثائقي حول زيارة كوكب الشرق أم كلثوم في شهر ماي 1968 لتونس و كان ذلك بمثابة التهيئة النفسية للجمهور الذي شعر وكأنه في فترة الستينات إذ حملته الصورة والصوت في نوستالجيا جميلة إلى الماضي. غصت مدارج قرطاج بالجماهير وحلت مي حوالي الساعة العاشرة بفستان أسود ملكي يليق بالمناسبة ويليق بالتوجه الفني الذي إختارته.
الفرقة الموسيقية تونسية وترية إحتوت كمنجات عدة وأربع عازفين تشيلو وكونترباس وقيتارتان و عود شرقي وقانون وناي و وافورغ وآلات إيقاع مختلفة ،دف وطار وغيره.
استهلت مي الحفل بأحد أجمل اغاني الست وهي الحب كله، من الأعمال الأخيرة لبليغ مع أم كلثوم وهي في مقام الراست كمقام الرئيسى ويتحول لمقام الهزام عند (وإسقينى وإملا .. وإملالى تانى) ثم العودة مرة أخرى للراست (حسيت كإنى إتخلقت تانى ) إثر ذلك غنت هذه ليلتي من كلمات جورج جرداق وألحان محمد عبد الوهاب وهي في مقام البياتي ثم أدت إحدى أقدم الأغاني وهي على بلد المحبوب من كلمات أحمد رامي و ألحان رياض السنباطي في مقام البياتي تفاعل معها الجمهور وشاركها في الغناء.
ومما ميز مي فاروق التي كانت تعلم مسبقا أن جمهور تونس يرغب كثيرا في الغناء مع المطرب لكنها لم تركن للراحة وتترك الميكروفون للجمهور بل تحكمت مي في سياق الحفل بذكاء وود متبادل حتى تثبت إمكانياتها الصوتية وحتى لا تدخل في هذا السياق الجديد المعمول به لدى بعض الفنانين الذي يصبح معه الجمهور هو سيد الحفل. استمتعت مي بهذا الجمهور التونسي السميع والمحب لأم كلثوم ،تجاوب الجمهور كثيرا معها أحيانا تشعر وكأنك في يوم من أيام الخميس في سهرة مع المذياع تستمع إلى حفلة من حفلات الست في فترة الستينات من القرن الماضي.
الجمهور بدى جله عاشقا لأم كلثوم ،وللفن الطربي الأصيل، الكل يتجاوب بولع وحب قل وأن شاهدناه في حفلات أخرى غنت المطربة إثر ذلك مقتطفات من فات الميعاد التي كتبها الشاعر مرسي جميل عزيز ولحنها الموسيقار بليغ حمدي، وغنتها أم كلثوم لأول مرة عام 1967.
ثم أدت ودارت الايام، ثم جزء من أغنية إسأل روحك ثم جزء من سيرة الحب ثم إستأذنت الجمهور في أن تغني أغنية خاصة بها وهي افتكرلك ايه إثر ذلك ألح الجمهور التونسي على مي أن تغني الاطلال وقبل أن تغني الأطلال غادرت الركح وفي حركة لطيفة لبست البرنس التونسي ورجعت به إلى الركح وغنت لهم الأطلال ثم ختمت حفلها بأغنية ألف ليلة وليلة.
أثبتت لنا مي فاروق الليلة أن القصيد لم يمت وأن الفن الطربي كان ولازال له محبيه وأن ركح قرطاج سيظل دائما حضنا للطرب ،في قرطاج شعرنا اليوم بهيبة نحن في شوق إليها من خلال هذه المطربة التي عانقت الإبداع.