full screen background image
   الأحد 6 أكتوبر 2024
ر

اصدارات: كتاب”تاريخ وذاكرة الحارة بقفصة “نبش في تاريخية واثنوغرافية الوجود اليهودي في قفصة

من نشر جمعية صيانة مدينة قفصة وفي 173 صفحة صدر مؤخرا كتاب” تاريخ وذاكرة الحارة بقفصة” لمؤلفته الاستاذة نورة كرو وهي من الاطارات العليا بوزارة الشؤون الثقافية وهي متحصلة على شهادة الاستاذية في علوم المكتبات و التوثيق من معهد الصحافة و علوم الاخبار بتونس وعلى شهادة الدراسات المعمقة في العلوم السياسية من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس وعلى شهادة الدراسات المعمقة في التراث من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية 9 افريل بتونس وقد اشتغلت موثقة بإدارة المطالعة العمومية فرئيسة مصلحة بوحدة النهوض بمصادر الذاكرة والهوية الوطنية بديوان وزارة الشؤون الثقافية ثم كاهية مدير بإدارة الفنون الركحية فمديرة التكوين والرسكلة وتشتغل حاليا مديرة المتاحف بالإدارة العامة للتراث بوزارة الشؤون الثقافية
وقد تناول هذا الكتاب الذي يعدّ عملا بحثيا ميدانيا في علم التراث بالدراسة تاريخ وذاكرة الأقلية اليهودية التي عاشت بمدينة قفصة بالجنوب الغربي للبلاد التونسية وكانت مكونا من مكونات النسيج الاجتماعي بها حيث يعود تاريخ سكان المنطقة الى العصور القديمة كما ان سكانها متنوعون ولها أقليات عرقية ودينية من بينهم اليهود، ولإعادة التاريخ الاجتماعي للفئة اليهودية بقفصة وذاكرة الحي الذي تواجدوا به اعتمدت المؤلّفة في مبحثها هذا مقاربة تاريخية واخرى اثنوغرافية وقد تضمن الجزء الاول المقاربة التاريخية بالاعتماد على بعض المصادر والمراجع المكتوبة حول تاريخ اليهود بمدينة قفصة والتي تعدّ نادرة مما اضطرّها للبحث في عدة وثائق اخرى بالأرشيف الوطني وارشيف ادارة بالملكية العقارية بقفصة وارشيف بلدية قفصة كما اعتمدت على المراجع والدراسات والوثائق المكتوبة والصادرة حول المجموعات اليهودية بالبلاد التونسية باعتبار ان تاريخ اليهود بقفصة مرتبط ارتباطا كبيرا بالمجموعات اليهودية التي تواجدت بعدة مدن تونسية وقد مكنتها هذه المقاربة من معرفة التطور التاريخي لليهود بقفصة وتحديد اصولهم وتتبع تطورهم الديمغرافي ومكان اقامتهم بالرغم من قلة عددهم حيث انه لم يتجاوز الخمسين عائلة في القرن التاسع عشر وتقريبا الالف بين 1904 و1908 ثم 639 حسب التعداد العام للسكان لسنة 1946 وبداية من سنة 1948 بدأ عددهم ينقص الى حين مغادرتهم النهائية للمدينة بعد حرب 1967 حيث عاش يهود قفصة في حي اطلق عليه “الحارة” او “حارة اليهود” ولم تكن لهذا الحي حدود طوبوغرافية ولم يحتوي على تقسيم مكاني وعرقي حيث تعايش فيه اليهود والمسلمون.
وانبنى الجزء الثاني من الكتاب على المقاربة الاثنوغرافية من خلال عمل ميداني ووصف لمختلف الاماكن الخاصة و العامة” للحارة”مثل معبد اليهود المسمى “البيعة” وايضا الديار مثل” الدار الغارقة” و”دار الشريف “، “الترميل” وهو مبنى يقع خارج الحي تحديدا في الزاوية اليمنى للجدار الجنوبي للقصبة وتغذيه مياه عين ” لالة العوينة” وهو ينقسم الى ثلاثة احواض وهي ترميل الرجال وترميل النساء وترميل اليهود الذي تعرض لعدة اضرار الى حد الطمس كما تعرضت اغلب هذه الشواهد التاريخية للضرر والتلف و النسيان.
وجاء في هذا الاصدار أنه ولئن اندثر ايضا المعبد اليهودي الثاني المسمى ” اشيبا” و المقبرة اليهودية التي تواجدت بسيدي منصور- الدوالي بقفصة فان صورة اليهودي في المخيال الشعبي ما زالت حاضرة من خلال ما تم جمعه من شهادات شفوية ووثائق مكتوبة لتبقى شاهدة على ذاكرة المكان وتاريخ الفئات الاجتماعية المتعايشة عبر الزمن.
والكتاب عموما اذ يعدّ خلاصة بحث اكاديمي للحصول على شهادة الدراسات المعمقة في التراث فانه يمثّل اضافة نوعية لعدد من الاصدارات الاخرى عن تاريخ جهة قفصة وعن ذاكرتها الجماعية.

منصف كريمي