full screen background image
   الجمعة 26 أبريل 2024
ر

ما عادت الرواٸح كالرواٸح ولا الطريق هو الطريق…

بقلم: مريم غيضاوي
اعلامية ومديرة دار شباب
العودة المدرسية داخل الاسر التونسية عهدناها أجواء احتفالية وطقوسا طفولية تشرئب لها أعناق الكبار وتتسع لها أحداق الصغار فرحا ونشوة براٸحة الكتب و الأدوات المدرسية والملابس الملونة والزي الرسمي “الأزرق” للفتيان و”الزهري” للبنات…
حتی تلك الاكف الصغيرة التي خبرت الانهاك مبكرا بالعمل الموسمي وعرض خبز الطابونة علی حافة الطريق أو بيع ما تيسر من المشموم وحزمة الزعتر في محطات الاستخلاص لجمع تكاليف العودة المدرسية، تصفق فرحا واستبشارا بموسم العلم وتهلل لموعد جديد لدحض الجهل…
فما الذي تغير في أيامنا حتی تحول الفرح الوردي الی كابوس مضن وموجع تمتزج فيه دموع الضغار بحيرة الكبار؟
لما خفت الفرح في أزقتنا؟
لما أيامهم لم تعد تشبه أيامنا وطريقهم لم تعد سالكة وان تحلوا بصبر أيوب؟
لما كنا نصل وان تعثرنا الف الف مرة ولما صار وصولهم سيزيفي وكأنهم حرموا حتی من متعة الوصول ؟
رحلة مضنية تقطعها العائلات التونسية بين مستشفيات ما عادت خدماتها تطمئن من جعلوها ملجأهم الأول والأخير وأدوية رفع عنها الدعم لترك أصحاب الامراض المزمنة وذوي الدخل المحدود في مواجهة المجهول، حيث لا شيء مجاني في بلدنا ۔ حقيقة تعيها الاسر التونسية التي ما ان تخرج من مطب حتی تقع في اخر …
أسر أنهكتها الأعياد والمناسبات العائلية وضروريات الترفيه علی أطفالهم صيفا لتباغت بارتفاع الأسعار الذي طال خبزهم اليومي وما يسد رمق العيش حامدين شاكرين وفي القلب انكسار حيث لا شيء يرمم كسر الأرواح وان مرت الأيام طوالا ثقالا۔۔
الارتفاع الجنوني للأسعار علی اكثر صعيد وتدني مستوی الخدمات بكل المرافق الضرورية يثير حيرة العائلة التونسية التي تشعبت أمامها السبل حتی الأركان المظلمة بالأسواق الشعبية حيث ملاذهم الأخير للفوز بما يسد الرمق وصلتها عدوی المضاربة والتلاعب بالأسعار وطالتها يد الجشع دون رادع أو رقيب …
حالة التخبط هذه لا تقتصر علی ذوي الدخل المحدود بل طال الموظفين ومن خلناهم صفوة القوم حتی أن ديونهم المتراكمة فاقت مقدرتهم الشرائية ومدخولهم الشهري …
فأي السبل يسلك المواطن التونسي ضمن حالة الفوضى وأسواق البيع المشروط .. كل يحدد السعر كما يروق له؟
فوضی تغيب عنها يد الدولة ومؤسسات الرقابة والمنظمة الوطنية للدفاع عن المستهلك لتقنين الاسعار وتوحيدها واخضاع المخالفين للعقوبات والردع …
وغياب مرده تخلي المواطن عن دوره الرقابي والتبليغ عن المضاربين والمتلاعبين بقوته لاعتقاده ان جميعهم سيفلت من العقاب حيث لا احد سيهتم لبلاغاته۔