بصوت عذب يلامس القلب، ويداعب الوجدان في القرار كما في الجواب، وبإحساس يدغدغ الروح ويسمو بها، قدمت الفنانة “شهرزاد هلال” عرضها “نساء ونصف” بتنظيم من مسرح الأوبرا وذلك ليلة السبت 01 جوان 2019 بمسرح الجهات بمدينة الثقافة
لم يبخل الجمهور على “شهرزاد هلال” بحضوره وتفاعله، كما حضر الفنان “لطفي بوشناق” رفقة “سمير بشة” وقد خصتهما بالتحية وهي تعطي أجمل ما عندها صوتا وإحساسا وحضورا على الركح، بمرافقة فرقة موسيقية أتقنت تنفيذها لمختلف الأغاني التي اقترحتها “شهرزاد هلال” بقيادة “محمد عبودة”
عنوان العرض مستوحى من قصيدة الشاعر الصغير أولاد أحمد “نساء بلادي نساء ونصف”، كما أنه مقتبس من العبارة الشعبية التي تمدح المرأة اجتماعيا: “امرا ونص”. بما يعني أن المرأة هي سيدة العرض وموضوعه، وقد سبق لشهرزاد هلال أن قدمته في مهرجان الحمامات الدولي العام الماضي، لكنها تقترحه على الجمهور الرمضاني بمسرح الجهات بمدينة الثقافة في تصور جديد يقوم أساسا على إنتاجها الخاص بنسبة 90 في المائة وعلى اللون التونسي بمختلف إيقاعاته
افتتحت “شهرزاد هلال” عرضها بأوبيريت دسمة كرمت من خلالها خمس نساء مؤثرات: عزيزة عثمانة (1606/ 1669) وهي الأميرة التونسية التي كرست حياتها لأعمال الخير وتجردت من كل ما كانت تملكه للمشاريع الخيرية، “صليحة” (1914/ 1958) التي كان الغناء وسيلتها الوحيدة لتمضية الوقت وهي تتابع عملها كخادمة في بيوت الأثرياء. حتى اكتشفها الجمهور في حفل افتتاح الإذاعة التونسية سنة 1938 ومن هناك صارت “صليحة” المطربة التي أضاءت المكتبة الموسيقية التونسية بأغانيها وصوتها النادر، “أروى القيروانية” المرأة التونسية التي رفضت تعدد الزوجات وقيدت زوجها الخليفة “أبو جعفر المنصور” بالصداق القيرواني، “الكاهنة” (585/ 712) فارسة الأمازيغ التي لم يأت الزمان بمثلها. ملكة الأوراس التي حكمت شمال إفريقيا لمدة 35 سنة، فارسة حملت السلاح دفاعا عن أراضي أجدادها. قوية، شجاعة، عادلة وملهمة. و”توحيدة بن الشيخ” (1909/ 2010) أول طبيبة تونسية وناشطة في المجتمع المدني
بعد هذه التحية النسائية، قدمت “شهرزاد هلال” عددا من الأغاني أغلبها من إنتاجاتها الخاصة، ومن كلماتها وألحانها خاصة: “انت روحي”، “لو تنسى”، “مغرومة”، “يمة” وهي أغنية من التراث اشتغل على كلماتها “الجليدي العويني”، “خوذ وقتك” من كلمات وألحان “بشير اللقاني” وغيرها من الأغاني التي أعاد من خلالها الجمهور اكتشاف “شهرزاد هلال” في اللون التونسي بعيدا عن المدرسة الشرقية التي عرفت بالانتماء إليها وتميزت فيها
وفي اللون الأندلسي والمغاربي غنت “شهرزاد” “بنت بلادي”، و”ما أحلى ليالي شبيلية”، ولم يخل العرض من المواويل التي تجيدها بصوتها العريض: “فراق الحياة مر وصعيب. خلّف دموعي تتقاطر. لوجت ما لقيت طبيب”/ “يا ناس عقلي غدالي. بنت العرب والفراسين. على حبها يا ما جرالي”
على الركح كانت “شهرزاد هلال” أنيقة بلباس بسيط أسود اللون أضفت عليه لمسة جميلة بعبايتين الأولى في اللون الذهبي والثانية حمراء اللون. وكانت أكثر تحررا على الركح وهي تغني بمنتهى السلاسة وتتمايل رقصا.
“نساء ونصف” كان فرصة لإعادة اكتشاف صوت تونسي جميل ومتمكن في اللون التونسي بشكل خاص. وهو تحية من الفنانة “شهرزاد هلال” لنساء تونس في ليلة رمضانية أمتعت الجمهور