بعناوينها الحاديةِ و الأربعين تحيلك على البحر أولا بتصدّره بخمسة عناوين وبملامحه حيث يطغى صغرا وشبابا وكهولة ويمتدّ على قلب الشاعرة حبّا وشوقا وفي وجدانها حنينا و بأمنياتها عطشا لا مسغبة بل هياما والهيام لغة هو شرب الإبل للماء حتّى تنفلق بطونها دون أن تروى.
زهيرة فرج الله الزّنايدي على غلاف مجموعتها الثّانية أضافت لقب زوجها (الزنايدي) (المجموعة الأولى صرير الجسد كان الإسم زهيرة فرج الله فقط) اعترافا بما قدّمه لها من حبّ وإحاطة وإعانة وإعاشة وقد عبّرتْ عن ذلك في إهداء له في بداية الكتاب وكأنّها تسترجع معه كلّ لحظات الحبّ والعمر و التآلف منذ تزوجها.
زهيرة الشاعرة والإنسانة تحبّ الآخر: أصدقاء.. عائلة… زملاء… كأنّها لا تهنأ إلاّ إذا كان هذا الآخر سعيدا هانئا وإذا سلسلنا عناوين مجموعتها نتحصّل على الآتي (سلسلة من عناوينها تباعا) وكبرياؤها يجعل روحها تغنّي بشوق مرّ لأجلّ حبيب لدرجة الجنون والقلب ملعب واسع يهواه كأزهار بلّورية قد نذرته لموطن وأنذرته غبّا كألبوم صور لذاك الربيع وكم تستهويه عذاباتها لتجعل منهما دروسا للحبّ وبينها وبين البحر فلا تنسى هذا الحبّ أبدا وكلّ الأماكن البحرية تذكّرها به وتحيلها على الزّمن الجميل بحرقة القلب المأسور المحبّ باستثناء رائع لحبّ الأمّ ولكن باطّراد شوق الجميلة والغوّاص لتسأل دائما ما بنا؟ يأ أنت؟ وتجيبُ ألم تر كيف فعلت طلاسم عينيّ بنوارس شوق الحنين كصوت كمان حزين كصيد السّمك وحصوله في شباك العيون ولكنّ لمسة من يده تجعلها أو لعلّها تجعله مهذارا رجيما لتتمكّن من القول للملإ ذاك حبيبي الشرقيّ الباريسيّ وصفا ينطبق كلّ التطابق مع زوجها الذي أهدته مجموعتها بإعجاز حبّ ليعلم أنّها اِمرأة وهنّ أيضا.. لا هنّ لا… قهقهة مدوّة رجما بالغيب لتُرفَعَ الصّحفُ وتجِفَّ الأقلام بين ثنايا الأحلام فتشتدّ الأزمة حتى انفراجها لتلقي لليل الوجع والحلم هذه المجموعة.
فلسطين أيضا لها مكان عَلِيٌّ في قلب زهيرة فتفردها بقصيدة، فهي عمرها وعمر العرب حسب ظنّها و تعبيرها.
زهيرة تعشق البحر و أماكنَه وتجلياتَه وتوابعَه حتى أنّها جعلت منه صورة غلافِ كتابها وتحبّ الزهور سيما الشرببّو ليحتلّ أكثر من ثلاثة أرباع مساحة واجهة الغلاف.
بين واقعيّة جميلة وخيال لذيذ جاءت مجموعتها (ومن عطشي تروى الأماني) كأزهار بريّة تتفتّح للشّمس أو كدمعة عرس لا تجرح خدّا.
عماد الزّغلامي