أنعقدت يوم امس بقاعة سينما “ريو” ندوة نظمها ‘المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية’ بعنوان (التغير المناخي التأثير والآثار غير المتوقعة: الأسباب والنتائج مدينة العلا من ولاية القيروان ومدينة قلعة الأندلس من ولاية وأريانة مثالا، وأجرت هذه الدراسة الدكتوره إيمان الكشباطي مع مجموعة من الباحثين وتكونت عينة في الدراسة من 500 وحدة لمعتمديتي العلا وقلعة الأندلس استنادا الي نتائج التعداد العام للسكان والسكنى 2014. وتم توزيع هذه العينة بالتساوي بين المعتمديتين وفقا لمتغيري العمر والجنس.
وأفضت الدراسة الي الوصول الي معلومات قيمة أسهمت في إنجاح توجيه البحث حيث تباينت الخصائص الطبيعية للمنطقتين إذ تعتبر قلعة الأندلس جزءا من فضاء ساحلي رطب وممطر وغني بالمياه خلال فترة الثمانينات والتسعينات بينما تنتمي منطقة العلا الي فضاء سباسبي شبه جاف يعاني من نقص في المياه ويتأثر بتقلبات المناخ بين الشتاء والصيف.
وأشار البحث أن أوجه التشابه في الموضوع ان قلعة الأندلس على ضفاف دلتا وادي مجردة في حين تقع العلا على ضفاف وادي جباس وبينت الدراسة ان الموضوع متباين بين المنطقتين فقلعة الأندلس استفادت منه في الماضي فقد ساهمت محولات الوادي في توسع الأراضي الزراعية السقوية ذات التربة الغنية فضلا عن المنسوب العالي من المياه الأمر الذي مكن من تنويع النشاطات الزراعية كما تم تخصيص أراضي لزراعة العلف بما ساهم في تطوير قطيع الأبقار وبروز الجهة ضمن حزام الحليب المحيط بالعاصمة، على الجانب الأخر تعرضت منطقة العلا للعديد من المخاطر بسبب موقعها على غرار التعرية المائية والريحية، الأمر الذي أدى الي تراجع المساحات المزروعة ومناطق المرعى.
وأكد الباحثون أن منطقتي العلا وقلعة الأندلس تتعرضان لأثار سلبية متزايدة نتيجة أزمة التغير المناخي من خلال الارتفاع المستمر في درجات الحرارة ومستويات الرطوبة خلال السنوات الأخيرة ونقص حاد في هطول الأمطار مما أدى الي الاختلال في النظام البيئي الذي أدى بدوره في استشراء ظاهرة الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية لسكان المنطقتين ونتج عن ذلك زيادة معدلات البطالة والنزوح وتصدع العلاقات الأسرية كما تأثرت الحالة النفسية الجماعية بشدة بسبب الجفاف، مما أنشأ مناخا من التوتر، ويمكن رصد ذلك من خلال ارتفاع عدد المصابين بالاكتئاب، ولم تسلم من هذه الأزمة الفلاحات اللواتي كن يحصلن على دخل مادي من نشاطهن الزراعي، إذ أصبحن بلا عمل في الوقت الحاضر بسبب ندرة فرص الشغل، ولم تقتصر الآثار السلبية على ذلك بل تسببت أيضا في نشوب صراعات قبلية على منابع المياه، خاصة في العلا.
وخلصت الدراسة على ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق بين الحكومة والمجتمع المحلي لتحديد الاحتياجات وحل المشاكل المحلية المتعلقة بالتغير المناخي والهشاشة الاقتصادية، وأنه يجب على سياسات الحكومة تشجيع المشاريع التي تدمج بين الاعتبارات البيئية والاقتصادية.
محمد عاشور