full screen background image
   الجمعة 22 نوفمبر 2024
ر

ندوة دوليّة حول تصنيف المحتجزين، المعايير وواقع الحال

 

يومي 03 و04 ديسمبر 2019 بنزل لايكو – تونس

 

  1. المقاربة والمرجعيّات والاعتبارات السّياقيّة

إنّ من شأن القوانين الوطنيّة، تماما مثلما هو حال المعايير الدّوليّة، أن تنطبق على كلّ شخص مسلوب الحرّية، دون استثناء، بحيث تؤمّن معاملة عادلة ومنصفة للمحرومين من حرّيتهم. ومن البديهيّ أن إقرار المساواة في المعاملة بين كلّ الأشخاص الذين هم قيد الاحتجاز/الإيداع يهدف إلى استبعاد كلّ نزوع إلى إدارة الأماكن السّالبة للحرّية على أساس المحاباة والمحسوبيّة. ومع ذلك، تدعو المعايير الدّوليّة إلى التمييز بين أنظمة الاحتجاز/الإيداع الخاصّة بالموقوفين وسميّتها الخاصّة بالمحكومين، تماما مثلما تدعو إلى مراعاة الاحتياجات الخاصّة لبعض أصناف المحتجزين/المودعين كالنّساء والأطفال القصّر.

ويهدف تصنيف المحتجزين/المودعين، في الأصل، إلى التأكّد من أنّهم أودعوا في بيئة تناسب احتياجاتهم. أمّا الهدف النهائيّ من ذلك فهو تمكين هؤلاء الأشخاص من إعادة الاندماج بنجاح في الحياة الحرّة بعد الإفراج عنهم ومساعدة الإدارة الأمنيّة و/أو السّجنيّة على تأمين سلامة المؤسّسات السّالبة للحرّية. وفي هذا المعنى، ينصّ الفصل 30 من دستور الجمهوريّة التونسيّة على أنّ “لكلّ سجين الحق في معاملة إنسانيّة تحفظ كرامته”. و“تراعي الدّولة في تنفيذ العقوبات السّالبة للحرّية مصلحة الأسرة، وتعمل على إعادة تأهيل السّجين وإدماجه في المجتمع.”

وحينما تحرم دولة ما فردا من حرّيته، بقوّة القانون، يتعيّن عليها أن تضمن حمايته بالسّهر على احترام كرامته الشخصيّة. كما يتعيّن عليها وعلى سائر الدّول أن تجعل من أماكن الاحتجاز بيئات آمنة ليس فقط للمحتجزين/المودعين وللموظفين العاملين بها وإنّما أيضا للزّائرين وللعالم الخارجي. وهذان الأمران ليسا متناقضين بل هما متلازمان لأنّ ضمان الأمن والسّلامة يكون أيسر في نظام مرتّب بطريقة مناسبة، بحيث يكون متّسما بالعدل والإنصاف والإنسانيّة.

ويمكن تعريف نظام احتجاز/إيداع الشخص المحتجز/المودع بالسّجن بأنه مجموعة الحقوق والواجبات التي تسم وضعيّته، وقد تختلف طبيعة معاملة هذا الأخير باختلاف الأشخاص لعدّة أسباب منها:

أوّلا، مراعاة الاحتياجات الخاصّة لبعض المحتجزين/المودعين بالسّجن ولا سيما الأشخاص الذين ينتمون إلى فئات تعتبر “خصوصيّة” أو “هشّة” (النساء والأطفال والأشخاص المضطربون عقليّا أو ذوو الإعاقة أو المدمنون أو السّجناء ذوو الجنسيّات الأجنبية أو كبار السنّ أو المهاجرون أو مزدوجو الهويّة الجنسيّة والعابرون جنسيّا…). وتتمثل التعديلات التي يتمّ إدخالها على نظام احتجاز/إيداع هذه الحالات بالذات في تدابير حماية إضافيّة توصي بها المعايير الدّوليّة.

ثانيا، الممايزة بين معاملة الموقوفين ومعاملة المحكوم عليهم على النحو الوارد بالمعايير الدّولية. وعلى هذا الأساس، يجب أن تأخذ معاملة الموقوفين في الاعتبار حقيقة أنّهم لم يحاكموا ولم يقع التصريح بإدانتهم بعد من أجل الأفعال المنسوبة إليهم وبأنّه من الواجب تمتيعهم بالتالي بضمانات خاصّة. أمّا فيما يتعلق بمعاملة المحكومين، فهي تكون موجّهة أساسا نحو إعداد عودتهم إلى المجتمع وإعادة إدماجهم فيه، ممّا يفترض اعتماد نظام إيداع إفراديّ على أساس مشروع مشخّص لتنفيذ العقوبة.

ثالثا، إرساء نظام إيداع قائم على التعامل مع حقوق المحتجزين/السّجناء بمنظور المنح أو الحرمان حسب ما تقتضيه الظروف. وهو يجسّد في معناه الإيجابي نظاما للمكافآت بينما يقصد به في معناه السّلببي التدبير (أو التدابير) المتخذّ(ة) تطبيقا للنظام التأديبي الدّاخلي للمكان السّالب للحرّية. وفي هذه الحالات بالذات، تعتبر المعايير الدّولية أن المسارات التي تؤدّي إلى توسيع الحقوق أو تقييدها يجب أن تكون مؤطرة بشكل صارم بحيث توفّر الضّمانات الضروريّة ضدّ أيّ قرار تعسّفيّ أو قائم على سلطة تقديريّة مطلقة.

وفي واقع الحال، غالبا ما يتمّ تصنيف المحتجزين/السّجناء استنادا إلى طبيعة الجريمة المرتكبة دون سواها، أو استنادا إلى الملمح الشخصي للمحتجز/السّجين. ونادرا ما يتمّ الاعتماد على تقييم إفراديّ يأخذ في الاعتبار سياق المخالفة/الجريمة وبعض العوامل الموضوعيّة الأخرى. ومن هنا تتأكّد ضرورة إيجاد نظام تصنيف وجيه للمحتجزين/السّجناء يكون مبنيّا على معايير واضحة من قبيل الخطورة الاستثنائيّة للجريمة أو خطورة السّلوكات الصّادرة عن المحتجز/السّجين بحيث تشكّل تهديدا خطيرا للموظفين أو لبقيّة المحتجزين/السّجناء.

وعلى أيّ حال، فإنّ الأشخاص المحرومين من الحرّية يجدون أنفسهم في وضعيّة متّسمة بالضعف أمام أعوان السّلطة التي تحتجزهم وقد يكونون عرضة للمبالغة في استغلال النفوذ. وهنا قد تغلب الاعتبارات الأمنيّة على متطلّبات الكرامة الإنسانيّة لعدّة أسباب منها أنّ:

  • التسليم بالطبع العنيف أو الخطير للأشخاص مسلوبي الحرّية يمكن أن يقود إلى استخدام مشطّ للعتاد الأمني.
  • النزوع المحتمل لدى الموظفين الأمنيّين وموظفي السّجون إلى تفادي اتهامهم بالتسامحيّة قد يدفعهم إلى اعتماد تدابير أمنيّة أكثر صرامة ممّا هو مطلوب.
  • اللّجوء إلى التدابير الأمنيّة غير الضروريّة أو المبالغ فيها قد يكون وليد تأثّر الموظفين بتكوينهم المركّز على الانضباط.

ومهما يكن من أمر، فإنّ تصنيف المحتجزين/المودعين يحب أن يكون سيرورة تطوّريّة متصلة الحلقات وأن ينطوي على آليّة مراجعة دوريّة تتيح إمكانيّة اعتراض المعنيّين بالأمر على القرارات الإداريّة القاضية بتصنيفهم، ذلك أنّ التصنيف غير المحيّن قد يشكّل خطرا على حقوق الشخص المصنّف لأنّه يساهم في تأبيد وضعيّات الميز ومن ثمّ في معاقبة الأشخاص المحتجزين/المودعين.

ثمّ إنّ تنوّع تركيبة مجتمع الاحتجاز/الإيداع يحول دون تطبيق مستوى موحّد من الأمن على كلّ المحتجزين/المودعين داخل المؤسّسة الواحدة. كما أنّ اعتماد مقاربة وحيدة لا يسمح بتحسين الوضع الأمني داخل مكان الاحتجاز أو السّجن ولا يساعد على إعادة إدماج المحتجزين/السّجناء بعد الإفراج عنهم. ولذلك، يتعيّن القيام بتصنيف فرديّ لكلّ شخص مسلوب الحرّية فور قبوله بأحد أماكن الاحتجاز، على أن يكون نظام التصنيف المعتمد مرنا حتّى يسمح لأعوان الأمن و/أو لأعوان السّجون بملاءمته لمختلف الوضعيّات. وفي مطلق الأحوال، يجب الحرص على تجنّب فرض نظام عالي الدّرجة الأمنيّة “على سبيل أخذ الحيطة”.

وفي هذا الصّدد، يمكن لمؤسّسات الرّصد، ولا سيما الآليّات الوقائيّة الوطنيّة المنشأة وفق معايير البروتوكول الاختياري للاتفاقيّة الدّوليّة لمناهضة التعذيب أن تلعب دورا مهمّا في تحديد ومن ثمّ تحليل وتقييم المخاطر النّاجمة عن إعطاء المتطلّبات الأمنيّة الأولويّة على حساب كلّ الاعتبارات الأخرى.

وبفضل زياراتها لأماكن الاحتجاز والمقابلات التي تجريها فرق الزّيارة، دون رقيب، مع أعوان الأمن و/أو أعوان السّجون ومع الأفراد المحرومين من حرّيتهم، يمكن لمؤسّسات الرّصد الحصول على معلومات (من المصدر مباشرة) حول أثر السّياسات والممارسات الأمنيّة على كرامة المحتجزين/المودعين. كما يمكنها تقييم ما إذا كانت الإجراءات والتدابير المتّخذة بحقهم ضروريّة وملائمة وهل تمّ تطبيقها بإنصاف ودون ميز. إنّ ذلك التحليل يمكّن الآليّات الوقائيّة الوطنيّة من صياغة توصيات ملموسة من شأنها الدّفع نحو حماية كرامة المحتجزين/المودعين والحيلولة دون إهدارها بمفعول إجراءات وتدابير أمنيّة جائرة.

  1. II. الأهداف

تتوخى هذه النّدوة الدّوليّة التي تنظمها الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب بالتعاون مع شركائها الأهداف الرّئيسيّة التالية:

–  التعريف بمختلف أصناف “المحتجزين المصنّفين” في علاقة بأنظمة الاحتجاز وملامح الخطر.

– المقاربة الموضوعيّة للممارسات القائمة راهنا في مجال تصنيف المحتجزين، وعرض حدودها وبعض محاسنها.

– إبراز آثار السّياق والإكراهات التي يرزح تحت وطأتها “المحتجزون المصنّفون”.

– تبادل الأفكار والخبرات والتجارب ذات العلاقة برصد أساليب تصنيف المحتجزين.

– استنباط الطرق الملائمة لمراقبة ظروف الاحتجاز ونوعيّة الحياة في مختلف الأماكن السّالبة للحرّية، من أجل تحقيق التعادليّة بين السّلامة والكرامة.

–  تعزيز علاقات الشراكة بين الآليّات الوقائيّة الوطنيّة والمؤسّسات الدّولية المختلفة، ولا سيما اللّجنة الفرعيّة للوقاية من التعذيب، بغية التعاون بشأن النقاط ذات الاهتمام المشترك والتصدّي للتحدّيات المشتركة.

وبصورة أكثر تحديدا، ستتيح ندوة هذا العام الفرصة للهيئات الوقائيّة الوطنيّة المشاركة لتعميق النقاش مع الضيوف الدّوليّين، بمن فيهم نظراؤهم في الآليّات الوقائيّة الأخرى، بخصوص مختلف جوانب العمل التي وقع تطويرها منذ إنشاء كلّ واحدة منها في مضمار مقاربة ظاهرة “التصنيف” داخل أماكن الاحتجاز ورصد أوضاع المحتجزين.

.III رهانات النّدوة

  • تحليل المفاهيم المفتاحيّة: التصنيف، التمييز، الوصم، أنظمة الاحتجاز، ملامح الخطر، منظومات التصنيف، التصنيف الوقائي، التصنيف العقابي، إلخ.
  • التمييز بين التصنيف الواضح والتصنيف الغامض.
  • التمييز بين “الأصناف المعلنة” و”الأصناف المخفيّة”.
  • تحليل الاحتياجات الخصوصيّة للفئات الهشة بالنظر إلى أنظمة التصنيف المستخدمة.
  • تحليل الإحصاءات الرّسميّة في علاقة بأنظمة تصنيف المحتجزين في أماكن الحرمان من الحرّية.
  • التعريف بتداعيات تصنيف المحتجزين في الأماكن السّالبة للحرّية وبالمشكلات المتّصلة بها.
  • تحليل الفجوات بين المعايير الدّوليّة والممارسات المحلّية في مجال تصنيف المحتجزين.
  • المقاربة الموقفيّة لتصنيف المحتجزين بالنظر إلى خصوصيّات كلّ بلد: ما هي الاستراتيجيّات التي طوّرتها الآليّات الوقائيّة الوطنيّة من أجل الإسهام في ترشيد أنظمة و/أو ممارسات تصنيف المحتجزين؟

 IV . محاور النقاش الأساسيّة

  • أنظمة تصنيف المحتجزين، على محكّ الواقع.
  • معايير تصنيف المحتجزين إلى فئات وأنواع.
  • التصنيف وإدارة الانضباط والتأديب.
  • تصنيف الملامح الخصوصيّة وإدارتها.
  • التصنيف “غير الرّسمي”: الملامح والتداعيات.
  • رصد التصنيف: توجّهات جديدة وتوصيات.

V . معطيات مفيدة

  1. لغات المؤتمر (العربيّة والفرنسيّة والإنقليزيّة)
  2. الأنشطة الموازية: عروض وورشات وسهرات ثقافيّة في إطار الأسبوع الثقافي للوقاية من التعذيب.