بقلم: رياض بوسليمي
لا يختلف إثنان في أن المهرجانات الصيفية بولاية جندوبة توجد في وضع صعب لم تستطع الخروج منه منذ سنوات،وفي مثل هذا الوقت تتجه الأنظار لها من قبل كل الفئات الإجتماعيّة بإعتبارها متنفسا لا بديل عنه، وفي كل عام تتجدّد نفس الصعوبات ومعها تتجدّد ذات التساؤلات: ما هو الجديد في هذه المهرجانات لهذه الدورة ؟ وما الذي يمكن أن تحدثه للجهة من تغيير ثقافي يمكن ذكره..؟ وكيف السبيل إلى إعادة الثقة بينها وبين الجماهير ..؟
يصعب فعلا الإجابة عن هذه الأسئلة لعدم توفر معلومات كافية حول هذه المهرجانات ولكن بإعتباري مهتم بهذا الموضوع منذ سنوات، أحاول جاهدا في كل مرة تحليل واقع هذه التظاهرات وفق رؤية شاملة أو شموليّة لا جزئية، تنظر للصعوبات والحلول في إطار شمولي من كل النواحي وفي علاقة بالمتدخلين وأصحاب القرار وكذلك في علاقة بالهيكلة والتنظيم..وأوّل صعوبة تواجه إدارة الإختصاص المكلفة بالتصرف في هذه المهرجانات هي مدى الإستجابة لكراس شروط الوزارة والمؤسسة الوطنيّة لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية حيث يشترط من خلال كراس الشروط على الجمعيات المترشحة أن تضمن عددا من الفصول بخصوص المهرجانات الصيفية بالجهة وتستجيب لأحكام المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 والمتعلق بتنظيم الجمعيات وإجراءات الحصول على التمويل العمومي، وأن تكون فاعلة في الميدان الثقافي والفني على الصعيد الوطني أو الجهوي لمدة لا تقل عن 3 سنوات كما عليها تنميّة موارد المهرجان وعدم الإقتصار على العروض والموارد الماليّة المقدمة من قبل الوزارة والمندوبية والمؤسسات العموميّة الأخرى وبنسبة لا تقل عن 10 % من القيمة الإجمالية للميزانية..وأمام عدم وجود مبادرة من قبل الجمعيات الناشطة في المجال الثقافي والفني بالجهة للترشح بغية الإشراف على تنظيم هذه المهرجانات والإعداد لها، لأسباب منها ما هو مرتبط بعدم قدرتها على تنظيم مهرجانات عريقة كمهرجان بلاريجيا أو لجهلها بمنهج الترشح وبكراس الشروط الموضوع للغرض..تذهب الإدارة إلى البحث عن جمعية أو من يمثلها ليكون عضوا في الهيئات الوقتية، هذه الأخيرة يتم إحداثها بقرار من والي الجهة وبالتنسيق مع المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية، وهي وإن تم الإعلان في السنوات الماضية على إعتمادها بصفة إستثنائية يستمر العمل بها، والنتيجة هي وضعية عكسية فالجمعية أو الجمعيات التي كان من الأحسن الإشراف على التصرف في المهرجان وتكون لها رؤية لتطويره وتحقيق إشعاعه، يقتصر دورها فقط على مساعدة الهيئة الوقتية للحصول على التمويل العمومي من خلال تلقي تحويلات الدعم، في حين تكون اليد العليا للهيئة الوقتية في التصرف في المهرجان. هذا بالإضافة إلى ضغط الوقت حيث عادة ما يتم إنطلاق عمل هذه الهيئات قبيل شهر من إنطلاق الفعاليات ودون ضم أو الإستئناس بأبناء القطاع الثقافي أصحاب التجارب والخبرة في الإدارة الثقافية..
- وإزاء هذه الوضعية، من الثابت أن وضعية عدم الإستقرار للمهرجان ستتواصل وبأن تدويل المهرجانات ولا سيّما العريقة كبلاريجيا سيكون بتدخل حتمي من وزارة الشؤون الثقافية ولن يتم الإعتماد على المبادئ والشروط المذكورة آنفا للنهوض بالمهرجانات. ويشار في هذا الصدد إلى وجود بعض الإستثناءات بطبرقة وغار الدماء الأولى تم إسناد المهرجان لجمعية والثانية تم مؤخرا تكوين جمعيّة للإشراف على مهرجان تبرنق الصيفي بغار الدماء.
و يبقى تدخل وزارة الإشراف حتميا للخروج من هذه الوضعية الصعبة ولو ظرفيّا لا سيّما مع إعلان الوزير خلال زيارة الوفد الوزاري الأخير لولاية جندوبة بدعم الأنشطة الثقافية والفنية بمليار، ولكن في المقابل لا بدّ من ضبط خطّة إستراتيجيّة تكون بمبادرة سواء من إدارة الإختصاص أو من المجتمع المدني، تعمل على البحث على الحلول التي ذكرنا بعضها في هذا المقال ، بالشراكة مع الفاعليين الثقافيين والمختصين في إدارة المشاريع الثقافية والسلط العموميّة المعنية بالتنمية الثقافية للخروج بإتفاق يتم العمل بمقتضاه على ضمان تطوير المهرجان وإشعاعه فعليا لا دعائيا فقط..