full screen background image
   الثلاثاء 3 ديسمبر 2024
ر

إصدار جديد للدكتورة فائزة القاسمي: جميع الأوراق النقدية التي تم تداولها في البلاد التونسية من سنة1847 الى سنة 2020

في أيامنا هذه، لا يمكن أن نقتصر على تعريف التراث على أنه مجموعة من الأشياء التي يحافظ عليها المجتمع بسبب الضرورة المفترضة له للحفاظ على آثار ماضيه، يعتبر التراث مسألة اقتصادية عندما يشجع تطوير السياحة ومسألة سياسية عندما يشارك في إعادة تعريف مفهوم الإقليم، وقد سعت الكاتبة الدكتورة فائزة القاسمي تسليط الضوء على أهمية الأوراق النقدية في تأثيراتها البصرية والمادية، من خلال استكشاف التاريخ وكذلك الجوانب الفنية والتقنية، حيث درست خصائصها الثقافية والاقتصادية والسياسية.

جاء هذا الإصدار في شكل دعوة للتفكير في الأوراق النقدية كمساحة أيقونية تثير فضول هواة جمع العملات، تستنسخ طريقة الارتقاء بهذا الفن والابحث عن التقنية التي تعكس تاريخ وثقافة عصر معين، حيث يمكن اعتباره إبداعًا فنيًا فريدًا وعمليًا ويمكن التعرف عليه بسهولة، ويحمل اسم البنك المُصدّر، ويظل وفي الوقت نفسه جسمًا غامضًا، مليئًا بالعديد من القرائن الأمنية، يصعب إعادة إنتاجه، وذلك نتيجة عملية تكنولوجية معقدة لا يستطيع إتقانها سوى الخبراء في هذا المجال. بعد دراسة جميع الأوراق النقدية التي تم تداولها في البلاد التونسية منذ سنة1847 الى سنة 2020، تبين أن النص المكتوب حول التذكرة الأولى في حالة سيئة، وقد تم تسليمها لفريق العمل بالكامل وبعد طلب شخصي من الدكتورة سهام من أجل ترميمها من طرف الأرشيف الوطني وهذا ما مكنها من اكتشاف خصوصياتها وتثمين الأحداث التاريخية والاجتماعية والسياسية وربطها بتسلسل جميع الإصدارات الورقية النقدية بالبلاد والتي مثلت شاهدا ملموسا لواقع أدركته المجموعة الوطنية.

هناك رسائل مرتبطة بالمعتقدات الشعبية، وبالتالي يتم استبدال وظيفة التبادل بوظيفة الاتصال. إلى جانب تحليل تاريخ الورقة النقدية، من المهم أن نأخذ في الاعتبار جوانب أخرى، مما يظهر انفتاحًا اقتصاديًا وتكنولوجيًا وجماليًا.

وتظهر التصاميم المستخدمة على الأوراق النقدية الاهتمام بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلاد، مع الحفاظ على الأهمية المعطاة للتراث التاريخي الوطني، مثل الأرابيسك الإسلامي والمواقع التاريخية والشخصيات التاريخية البارزة لإعادة تنشيط الذاكرة الوطنية. حيث يمكن اعتبار الورقة النقدية كوثيقة تاريخية. تكشف الورقة النقدية عن سلسلة من المهارات: مهارات صنع الورق، نوعية الألوان، فن التصميم، فن الحفر والتطور التكنولوجي للعلامات السرية. قمت بتحليل جميع هذه الحلقات الأساسية لإصدار وتصنيع الأوراق النقدية من خلال انجاز كتابي الأخير الذي يجمع جميع الإصدارات الورقية لفترة قرن ونصف. كل ورقة نقدية بحثت فيها عن أسباب ظهورها التاريخية والسياسية بالاستناد الى الاطلاع كباحثة أولى على أرشيف في قسم إدارة الوثائق والأرشفة في بنك فرنسا على الكثير من المعلومات والوثائق المتنوعة، بعضها يخص مؤسسات اختفت الآن أو لا يمكن للمجموعة الوصول إليها، كانت هذه الوثائق عبارة عن مذكرات ومراسلات داخلية للبنك المركزي (على وجه الخصوص تعليمات) ومحاضر الاجتماعات والجريدة الرسمية ومجلات محددة.

ويمكن التأكيد على أن هذه النوافذ الصغيرة المشبعة بالأيديولوجية، وهي الأوراق النقدية، لا تقدم لنا رؤية لماضي تونس فحسب، بل تتيح لنا أيضا الحصول على رؤية ممتازة لهذا البلد يمكننا تقديرها زمانا ومكانا. العملة تربط التاريخ والحاضر والمستقبل. يتيح لنا تحليل الماضي الحصول على فهم أفضل للحاضر ويساعد في تسليط الضوء على المستقبل.