full screen background image
   الجمعة 19 أبريل 2024
ر

الانتقال الطاقي في تونس: تعاقب الأنظمة لم يوقف دعم الدولة

احتفلت الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة منذ أيام بتركيز أكثر من مليون متر مربع من اللاقطات الشمسية لتسخين المياه في القطاع السكني عن طريق البرنامج الوطني للنهوض بالسخانات الشمسية “بروسول” وقد مكن هذا البرنامج من تجهيز قرابة 400 ألف عائلة تونسية بالسخانات الشمسية الأمر الذي ساهم في تقليص دعم الدولة للطاقة بحوالي 215 مليون دينار.
هذا “النجاح” جعلنا نتساءل عن دور الوكالة في التحكم في الطاقة عموما ومجلات تدخلها بعيدا عن خبر السخانات الشمسية، خاصة مع التغيرات المناخية الراهنة والأزمة العالمية للطاقة ونزوح أغلب دول العالم نحو الطاقات المتجددة والنظيفة.
انطلقت البلاد التونسية ومنذ ثمانينات القرن الماضي في العمل الفعلي على التحكم في الطاقة والبحث عن بدائل طبيعية وغير مكلفة للدولة ولا مثقلة لكاهل المواطن وذلك أساسا في تسخين المياه بالطاقة الشمسية عبر Serept Energie Nouvelle التابعة للشركة التونسية للبحث واستغلال النفط سيربت، وتمكنت هذه الآلية من توفير أكثر من 5 آلاف م² سنويا آنذاك لكن ولأسباب تكنولوجية وصفقات مشبوهة سرعان ما انهارت اللاقطات الشمسية.
لم تقف محاولات ترشيد استغلال الطاقة عند هذا الحد فبضل تمويل من صندوق البيئة العالمي أطلقت الحكومة التونسية سنة 1995 برنامجًا طموحًا يهدف إلى نشر 50000 م² ليستمر حتى سنة 2003. وترتكز مقاربة هذا البرنامج على منح دعم بنسبة 35 % من سعر الشراء السخانات الشمسية مع الحرص على مراقبة الجودة لتلافي أخطاء الماضي واستعادة ثقة المستهلك. ومكن هذا البرنامج من تثبيت 17000 م² من اللاقطات الشمسية حتى موفى سنة 2001 تاريخ انتهاء قيمة الدعم.
وفي سنة 2005 انطلق برنامج بروسولاي ولازال متواصلا إلى اليوم والذي تنفذه الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة وتسعى من خلاله إلى الحد من قيمة دعم الدولة للطاقة.
ولتنفيذ البرنامج قامت الشركة التونسية للكهرباء والغاز بالاعتماد على تمويلات بنك خاص قاربت الـ 422 مليون دينار تتكفّل الشركة التونسيّة للكهرباء والغاز بدفع الاعتمادات وفق جدول سداد ثابت وبصرف النظر عن الاقتطاعات التي تتمّ عبر فاتورة الكهرباء، في حين تكفلت الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة بتحديد إجراءات إدارة البرنامج وصلاحيات كل طرف في تنفيذ البرنامج للحرص على جودة اللاقطات وحماية المستهلك التونسي من شطط الأسعار وجودة الخدمات.
وعن تفاصيل التمتمع ببرنامج بروسولاي أكدت سعاد العبروقي مديرة مشروع النهوض بالسخانات الشمسية في القطاع السكني بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة في تصريح للشروق، أن المشروع يوفر للمستهلك إمكانية تركيز أجهزة تسخين المياه بالطاقة الشمسية عبر آلية مبتكرة ومندمجة ترتكز على منحة استثمار من صندوق الانتقال الطاقي يتم ادراجها في هيكلة التمويل وصرفها لفائدة المزوّد بعد خصمها من الكلفة، علاوة على تسهيلات في الدفع توفّرها الشركة التونسية للكهرباء والغاز عبر اسناد قرض ميسّر يغطي بقية الاستثمارات ويتم استخلاصه عبر فاتورة الكهرباء على مدى 5 سنوات وهو ما يمكن من تغطية كلفة الاستثمار عبر مبالغ الاقتصاد في الطاقة التي يتم تحقيقها.
كما أفادت محدثتنا بأن الوكالة قدمت منحا لحرفائها الذين اقتنوا سخانات شمسيّة منذ تأسيس هذا البرنامج إلى اليوم تقدر بـ 100 مليون دينار، وفي المقابل وفّر ذلك على الدولة دعما للطاقة التقليدية (قوارير غاز مسال أو غاز طبيعي) بقيمة 650 مليون دينار.

شاكر بلقاسم