بقلم: لمياء الفالح
رغم حبي الكبير لمحمود درويش، أعتقد بأنه تحامق لحد بعيد حين قال “سجل أنا عربي ورقم بطاقتي خمسون ألف وأطفالي ثمانية وتاسعهم سيأتي…بعد صيف” المرأة التي تحب طفلها بحق لن تقبل بأن تنجبه ليموت في الحرب أو يتشرد ويتخذ صفة لاجئ بلا هوية، التكاثر ليس انتصارا.
سأقتبس جملة أخرى للكاتب فرانيسس فيتزجيرالد قال فيها “الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون أطفالا” خذوا مثلا نساء افريقيا السوداء لماذا يتأرنبن وينجبن الكثير من الأطفال إن كانت ظروفهن الحياتية غير ملائمة للعيش ولتنشئة طفل سَوِي ! استمرارية النسل البشري ليست مبرّرا…هن ينجبنهم فقط للمعاناة…للموت جوعا و عطشا…للموت مصابين بالأمراض والأوبئة… وفي تونس أنجبت النسوة خلال شهر مارس من سنة 2019 رضّعا ماتوا يوم ولادتهم بلقاح فاسد استعملته مصحّة عمومية تدعمها وزارة صحية هي بالأساس جزء من منظومة سقطت حينها أمام المواطنين إنسانيّا وأخلاقويّا وكشفت مدى تدهور قطاع الصحة.
غلاء المعيشة، تراجع التعليم، ضغوطات المجتمع، المنظومة الصحية، صعوبة نمط الحياة وتدهور العلاقات قد تبدو للبعض أسبابا منطقية تمنعهم من الإرتباط وتأسيس أسرة متناغمة ومنسجمة…فلماذا يصر شق آخر من العائلات التي تعاني عجزا ماديا وفقرا مدقعا على انجاب عدد مرتفع من الأطفال يعانون الأمرّين في دول لا تصلح للعيش دون اتباع سياسة تحديد النّسل؟!
بعيدا عن كل الغرائز اللاعقلانية التي منبعها العاطفة وحدها والتي تهزم الانسان دوما، كل امرأة تمتلك غريزة الأمومة ستعشق الأطفال لحدّ لا يوصف وانجابهم من رجل تحبّه دائما ما تبدو لها فكرة أخّاذة وبرّاقة، لكن سأتحدث أيضا من منظور انساني بحت أُخمّنُ بأنّ فيلسوف التشاؤم والعبث آرثر شوبنهاور كان محقا حين تساءل قائلا “ألا يملك الإنسان ما يكفي من الشفقة لإعفاء الجيل المقبل قسوة الوجود ؟!!!” اذا ما نزّلنا فكرته على بعض الأمثلة الشّاذة التي تشهد انتشارا مخيفا داخل المجتمعات العربيّة.
هل تناسَيْنا مثلا بأن هناك امرأة عراقية ألقت بأطفالها في النهر ؟! وامرأة في مصر قتلت أطفالها ثم حاولت الانتحار ورجل في تونس اتهم بقتله لزوجته وابنته!
ألا تعد هذه مأساة إنسانية قبل أن تكون جريمة ؟!