قرر السيد قاضي التحقيق الأول بالمكتب الثاني بمحكمة نابل بتاريخ 30 ماي 2022 منع التعاطي إعلاميا في قضية “الاتجار بالبشر” موضوع بحث تحقيقي لديه من قبل برنامج “الحقائق الأربع” الذي يبث على قناة “الحوار التونسي” اثر نشر البرنامج ومضة اشهارية حول محتوى الحلقة.
وقد استند السيد قاضي التحقيق بنابل الى إمكانية عرقلة سير البحث والمساس بسريته وتوجيه الرأي العام وطمس الحقيقة أو تغييرها, وهي نقاط لا يمكن الجزم فيها قبل النشر.
كما عبر السيد قاضي التحقيق “عن إمكانية أن يؤدي النشر إلى تنبيه أطراف لا يزال البحث مستمرا في شأنهم”, وهو ما لا يمكن التأكد منه الا بعد النشر. كما استند السيد قاضي التحقيق إلى المرسوم 115 لسنة 2011 المتعلق بذكر أسماء الضحايا أو معلومات تسمح بالتعرف عليهم في قضايا الاغتصاب والتحرش الجنسي.
كما استند إلى الفصل 61 من المرسوم والمتعلق بحظر نشر وثائق التحقيق والفصل 62 من المتعلق بحجر تناول قضايا “ثبوت النسب والطلاق والإجهاض”.
وقد سبق هذا القرار قرار آخر صادر عن السيد قاضي التحقيق بمحكمة أريانة في 16 ماي 2022 بحظر النشر في قضية ما عرف بـ “الاغتصاب الطاهر” المتعلق بقضية أثارها برنامج “الحقائق الأربع” حول ما اصطلح عليه بـ “المشعوذ بلقاسم”.
يهم النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التذكر بأن التعاطي الإعلامي مع المواضيع المنشورة لدى القضاء تخضع لقواعد قانونية ومهنية تراعي عدم نشر وثائق التحقيق واحترام قرينة البراءة للمتهمين وحماية الضحايا وتؤكد على اخضاع البرامج التي تعالج قضايا محل المتابعة القضائية مواضيعها للفحص القانوني لمستشاريها.
كما تشدد النقابة على الدور المحوري الذي تلعبه وسائل الإعلام كرافد للجهد القضائي في مناهضة الإفلات من العقاب وضمان مقومات المحاكمة العادلة وسعيها إلى انارة الرأي العام في القضايا المهمة والحساسة التي تمثل انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان وخاصة للفئات التي هي في وضع هش.
وتعتبر النقابة أن قراري السادة قضاة التحقيق هو تجاوز لصلاحيات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري التي لها الولاية الكاملة على ما ينشر في وسائل الاتصال السمعي البصري، وتندد باستبعاد القضاء لمقتضيات المرسوم 116 المنظم لقطاع الاتصال السمعي البصري وتفعيلها لبنود المجلة الجزائية المتعلقة بحظر النشر في الملفات المنظورة لدى القضاء.
وتعبر النقابة عن مخاوفها من تواتر مثل هذه الممارسات التي تمثل خطرا حقيقيا على جوهر حرية العمل الصحفي وتكرس ممارسات خلنا أننا تجاوزناها من سنوات.
وتذكر النقابة بأن الرقابة المسبقة على محتويات الإعلامية ممنوعة بمقتضى الدستور وأن اتخاذ قرارات المنع ما قبل النشر هي ضرب لمبدأ الإنصاف أمام العدالة والذي يستوجب مبدأ المواجهة.
وتدعو النقابة السادة قضاة التحقيق إلى تغليب مبدأ الحرية كقاعدة، مذكرة أن التجريم والمنع من المهم ان يكون استثناء يتم اللجوء إليه “بعديا” وبالتنسيق مع الهيئة المختصة.
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين