نظم مركز الدراسات المتوسطية والدولية على امتداد يومين (الجمعة والسبت 15 و 16 أكتوبر 2021) بمدينة ياسمين الحمامات ملتقى إقليمي حول موضوع “الشباب العربي والمشاركة السياسية: السياقات، الرهانات،العقبات، تجارب مقارنة” وذلك بمشاركة أكثر من 7 دول عربية ومغاربية.
أحمد إدريس مدير مركز الدراسات المتوسطية والدولية أوضح في افتتاح الملتقى أهمية مشاركة الشباب في الحياة السياسية، مبرزا ضرورة تفكيك أشكال المشاركة والعقبات التي تحول دون اكتمالها كمّا وكيفا.
كما أبرز أحمد ادريس عمل مركز الدراسات المتوسطية والدولية حول موضوع المشاركة الشبابية وتنزيلها كمحور رئيسي من محاور عمل المركز وضمن برنامج كامل يمتد على 5 سنوات تحت عنوان “قوة الحوار” والذي يخص الشباب المنتمين الى الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني ويهدف الى تعميق معارفهم وتنمية قدراتهم من خلال جمعهم في اطار مشترك قصد تبادل الرؤى والخبرات.
وكشف مدير مركز الدراسات المتوسطية والدولية أن هذا المركز شرع في تنفيذ هذا البرنامج مع بداية سنة 2021 و يأتي في اطار دعم و تشجيع الشباب للمشاركة في الحياة السياسية وصقل خبراته وقدراته من أجل أن يكون فاعلا ومؤثرا ويحدث بذلك التغيير ويكون قوة اقتراح من شأنها تغيير المشهد السياسي في المستقبل عن طريق التشبّع بآليات الحوار وتمكينه من تقنيات اعداد برامج قابلة للتنفيذ وقبول الرأي والرأي الآخر وتجنب الخطاب العنيف.
وأجمع المشاركون على أهمية المشاركة السياسية للشباب وأن يكون من بين المساهمين في صناعة القرار من أجل تغيير الواقع والبناء حيث تحدث أحمد إدعلي من المغرب على تلازم مفهومي الأزمة والمشاركة، بحيث أصبحت مشاركة الشباب في الشأن السياسي مُتساوقة مع مفهوم الأزمة بمعنى فقدان المشاركة كل أسباب دفعها وتغذيتها سواء من قبل الفاعل السياسي أو الدولة عبر السياسات العمومية الموجهة للشباب.
من جهته أبرز الأستاذ فتحي جراى في مداخلته بعنوان “شباب الأحزاب السياسية على تخوم رهاب سلب الحرية” ، سياق الحرية في تونس من جانب إطلاق حرية التعبير وغيرها، إلا أن هذه الحرية أصبحت مُهددة في جوهرها ومعناها بسبب ما أسماه” عودة الدولة العميقة”.
وأشار الأستاذ فتحى جراى الى مسألة توجُس الشباب من المشاركة السياسية بسبب ما يعتبره الأستاذ فتحي جراى:” رهاب سلب الحرية” في إشارة الى أن الشاب التونسي يتوجس من المشاركة في الشأن السياسي العام بسبب تفاعل الدولة في مسائل الحريات الفردية بنفس آليات دولة ما قبل ثورة 14 جانفي 2011، هذا رغم تغيّر التشريعات والقوانين المُنظّمة لمسائل الحريات الفردية والعامة.
كما قدّم الأستاذ بون ولد باهي من موريتانيا في مداخلته بعنوان: المشاركة السياسية للشباب الموريتاني في الحياة الحزبية، الرهانات والتحديات لمحة عن الدولة الوطنية في موريتانيا وبداية تشكُّل الأحزاب السياسية ومشاركة الشباب الموريتاني في الشأن السياسي.
واستعرض الأستاذ بون ولد باهي سيرورة بناء الحياة الحزبية ودور الشباب الموريتاني في النضال من أجل الحصول على الاستقلال مشيرا الى أن مشكلة انغلاق الأحزاب السياسية وتحول الدولة إلى دولة الحزب الواحد أدت الى أقصاء الشباب من الفعل السياسي وتركه على هامش المشاركة بفعل قوانين تحُدُّ من ممكنات المشاركة والتأثير.
هذا وأشار الأستاذ رشيد الجرموني من المغرب في مداخلته تحت عنوان :” الشباب والسياسة: مفارقة الحياة الديمقراطية المغربية“. الى محدودية قدرات التأثير الشبابي بسبب ما أسماه “هيمنة الفاعل الاستراتيجي” على تفاصيل العملية السياسية وخاصة المشاركة السياسية. مبرزا أهمية المشاركة الشبابية رغم الدولة العميقة وشروط الفعل السياسي التي تُسطّرها هذه الدولة.
كما بينت الأستاذة ريم اليعقوبي من تونس بعنوان في مداخلتها بعنوان :” النساء والعمل الحزبي، الرهانات والحدود” ضعف تواجد النساء داخل الأحزاب، وخاصة في المستويات القيادية، حيث يصبح هذا التواجد الضعيف طاردا للمشاركة. تتعدد مُعوّقات المشاركة النسائية منها هيمنة الرجل على القيادة الحزبية وانصراف النساء أو دفعهن نحو العزوف. في إشارة الى أن الحزب يُعيد انتاج نفس ضروب المعاملة التي تعيشها النساء في الفضاء العام.
وناقش المشاركون في الملتقى الإقليمي آليات دفع مشاركة الشباب في الحياة السياسية بأكثر نجاعة وفاعلية فضلا على غياب سياسيات عمومية تهدف الى تشريك الشباب في صناعة القرار مع الإشارة الى أن ما تنقصنا اليوم هو ثورات ثقافية تجعل من العلاقة بين الشاب والأجيال السابقة أكثر سلاسة بهدف تمكينه أكثر من هامش الحرية للتفكير وتقديم مقترحاته ورؤيته للبناء والتغيير.
وأكد المشاركون في الملتقى الإقليمي الشباب العربي والمشاركة السياسية في بيانهم الختامي على أن البيئة التشريعية في الدول العربية لا توفر مناخا مشجعا للمشاركة السياسية للشباب وأن الحكومات تمارس سلطتها في الترويج للأمن والأمان على حساب الديمقراطية والحريات فضلا على أن ظاهرة المال السياسي الفاسد وانعدام الشعور بالمسؤولية الأخلاقية عن المسؤولين تساهم في خلق مناخ لا يشجع على المشاركة السياسية.