خلصت دراسة صادرة عن مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان حول ”الولوج إلى العدالة في تونس: الأطر والإشكاليات” إلى ضرورة تبني وتفعيل عدالة قريبة من المواطن من النفاذ أكثر إلى المنظومة العدلية وتمتيع ضعاف الحال بإعانة عدلية ومالية ملائمة لحاجياتهم إضافة إلى جعل معرفة القانون متاحة ومتوفرة لكل مستعملي مرفق العدالة وللمتقاضين وتطوير جودة الخدمات الإدارية.
كما شددت الدراسة على ضرورة شفافية الإجراءات المتبعة مع أصحاب المبادرات الاقتصادية وتدعيم حقوق المطالب بالأداء لتشجيعه على المبادرات الاقتصادية والكف عن تغيير المنظومة الجبائية بصورة سريعة (كل سنة) بما من شأنه أن يهدد الأمان القانوني للمستثمر.
وبينت الدراسة ضرورة إسناد مسألة تشخيص علل المنظومة الجبائية إلى طرف حقوقي محايد ليدير حوارا تشاركيًا حول المنظومة الجبائية يمكن من إعداد تصور يرتكز على أسس حقوقية وقانونية تراعي مقومات النفاذ إلى العدالة بما يتلاءم مع الأحكام الدستورية والمعاهدات والمعايير الدولية التي التزمت الدولة التونسية باحترامها وملائمة تشريعاتها معها.
كما خلصت الدراسة إلى ضرورة تخصيص جهة مستقلة بسلطة التتبع والإحالة للقضاة وسن قانون في الغرض لضمان دور محايد ومستقل للمجلس الأعلى للقضاة بغرض رفع يد السلطة التنفيذية عنه لتمكينه من إنصاف المتقاضين من تجاوزات القضاة.
وتطرقت الدراسة الإشكالية المتعلقة ببطء الإجراءات الإدارية من جهة وتشبّع المجتمع التونسي بالديكتاتورية الحاضرة دومًا في مخيّلته خاصّة وأنّ مفهوم العدالة قد ارتبط دائمًا بأجهزة الدولة ونمّى عدم ثقة المواطن في القضاء حيث أنّ الأحكام لا تنفّذ حتى وان أنصفت المتضرّر، كما أنّ قلة الوعي القانوني والحقوقي وغياب الإرادة السياسية وجهل المواطن لكيفية افتكاك الحقوق ساهم بشكل كبير في عدم تقدير حق الولوج إلى العدالة، وفهم مدى عمقه.
وجاء في الدراسة أن الاستشارات الوطنية الحديثة التي أجرتها وزارة العدل ، أبرزت أن العدالة لا تستجيب لكل تطلعات المواطنين ولذلك فإن إحداث عدالة تكون قريبة حقًا من المواطنين يمثل إحدى الوسائل لسد الفجوة بين المواطن ومنظومة العدالة. ويتطلب تحقيق هذا الهدف تقليص عدة مسافات بين المواطنين ومنظومة العدالة وهي مسافات جغرافية ومسافات زمنية مرتبطة بالآجال الطويلة ومسافات اجتماعية ناتجة عن الضغوطات الاقتصادية أو العراقيل الثقافية.
كما بيّنت وزارة العدل أن تجاوز الإشكاليات المذكورة يتطلب وضع آليات مختلفة لضمان النفاذ الحقيقي لكل المواطنين إلى العدالة. ومن بين هذه الآليات مراجعة الخارطة القضائية التي ستمكن من خدمة المواطنين من خلال إنشاء محاكم نواحي في المناطق الجغرافية الريفية التي تشهد تشتتًا سكانيًا. كذاك فإن تحديث الإجراءات نحو المزيد من المرونة والسرعة سيمكن أكبر عدد ممكن من ضعاف الحال من الاستفادة من الإعانة العدلية التي تعتبر واحدة من نقاط القوة في منظومة العدالة في تونس.
وتتضمن هذه الآليات أيضًا المساعدة على النفاذ إلى القانون وإلى معرفة القانون وذلك من خلال تشجيع هياكل الدولة والمهن القضائية وممثلي المجتمع المدني على وضع آليات للاستشارة والمساعدة القانونية لإرشاد المتقاضين ومستعملي مرفق العدالة وتحسين معرفهم في المادة القانونية وتحسيسهم بحقوقهم الاقتصادية.