full screen background image
   الثلاثاء 12 نوفمبر 2024
ر

عرض “دروج” للفنان مراد بوقارص: طرح موسيقى حديث بجماليات الشعر العربي الفصيح ومقامات الموسيقى العربية

قدم الموسيقي وعازف العود مراد بوقارص عرضه الأول لمشروع مراحل أو “دروج” مساء يوم الأحد 21 فيفري 2021 بفضاء قاعة العروض بالمركب الثقافي مدنين. دام العرض حوالي ساعة ونصف استمتع خلاله الجمهور الحاضر بكثافة بجماليات الشعر العربي الفصيح ومقامات الموسيقى العربية، وقد نظم العرض في احترام تام لقواعد البروتوكول الصحي.

يعتبر “دروج” عرضا موسيقيا متميزا متفردا من حيث الطرح الموسيقي ومن حيث تركيبة الفرقة المنفذة لهذا العرض، التي تكونت من مجموعة صوتية غنت طيلة ساعة ونصف بانسجام تام، وتداول أفرادها أداء مقاطع فردية في الأغاني التي كانت في شكل حوارات بين عدة شخصيات لها رمزية في الذاكرة الشعرية العربية.

لعب مراد بوقارص وعازف العود على الركح دور العازف والقائد بين السبعة آلات المنفذة للعرض، لنسمع موسيقى عربية بحتة في أحيان و نغمات من البلوز و النمط الشعبي التونسي والشرقي في أحيان أخرى.

انطلق العرض بتقديم قصيد ” هنا تونس” للشاعر المنصف المزغني والتي وقع أداؤها جماعيا وكأننا إزاء نشيد رسمي يؤذن بانطلاق العرض بإيقاع ذو نفس عسكري، لننتقل بعد ذلك إلى إيقاع راقص في قصيد الثعلب والذي يحكي قصة الثعلب والديك الراسخة في الذاكرة الجماعية في العالم العربي.

قدم الفنان شفيق المحمدي قصيد “عيون عبلة”، القصيد الوحيد الملحن على الطريقة التقليدية والذي ينتهي بموال على الطريقة العراقية أبدع فيه المغني وأخذ الجمهور إلى رحلة خاطفة للعراق (يا دار عبلة بالعرق تكلمي هل أصبحت جنات بابل مقفرة)، واصل المغني سامي بن ضو الإبداع عند أداءه لقصيد “العيد” لنزار قباني، هذا القصيد الذي يعتذر فيه نزار للعيد بعد أن ملأت بلاد العرب الأتراح، والذي لحنه مراد بوقارص بشحنة عالية وترجمه المغني بروح فنية عالية.

اختتم العرض عند قصيد أم الشهيد للشاعر السوداني “معد محمد شيخون” والذي يروي قصة سقوط شاب شهيدا عند فض أحد الاعتصامات بالسودان والذي أداه صاحب العمل في شكل حوار بينه وبين أم الشهيد.

وقع إنتاج فيديو كليب لأغنيتي “الثعلب” و”هنا تونس” في نفس التوجه الموسيقى، وذهب المخرج الفنان رفيق بالهوشات إلى صنع الشخصيات بأفق جمالي مجدد بعيدا عن الكليشيات المستعملة حيث ترجم الحوارات الشعرية والجمل الموسيقية بصور تشد إليها المشاهد مزخرفا الخلفية بخط عربي رفيع.

يضعنا هذا العمل أمام عدة تساؤلات حول لونه وإمكانيات تصنيفه وتوجهاته العامة، فهو ليس أوبيريت بالشكل المعروف ولا هو مجموعة أغاني عادية، لعله بحث وتجريب على عدة قوالب موسيقية عربية وعدة تعبيرات فنية، يتطلع من خلالها صاحب العمل إلى نحت توجه جديد مازال يبحث عن اكتماله.

“دروج” هو عرض موسيقي مجدد سعى من خلاله مراد بوقارص إلى تناول مواضيع وأحداث راهنة في العالم العربي تحاكي الأوضاع السياسية والاجتماعية، بطريقة فنية طاف بالجمهور من خلالها بين جماليات الشعر العربي الفصيح ومقامات الموسيقى العربية مستعملا طرحا موسيقيا حديثا.