في افتتاح الملتقى الدولي شكري بلعيد للفنون في دورته الرابعة بدار الثقافة شكري بلعيد جبل الجلود
(6فيفري 2021)
كلمة الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي
وبمناسبة الذ كرى الثامنة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد
نحيي اليوم بألم وأمل ذكرى وجعنا الجماعي.. ذكرى اغتيال الشهيد الرمز الرفيق شكري بلعيد..
ألم لفقدان مناضل فذ واستثنائي خيرته ساحات النضال على امتداد القطر منذ بداياته الأولى في الحركة التلمذية والطلابية ثم النقابية والحقوقية فلم يكل ولم ينل شيء من إيمانه العميق بالمشروع الوطني دفاعا عن تونس أخري ممكنة وأمل هو أملنا نحن حقيقة لكل الزهور من أجل الاختلاف والتنوع.
لقد كان الشهيد الرمز رفيقنا شكري بلعيد أحد أهم أيقونات ثورتنا العظيمة التي فتحت للإنسانية أفقا جديدا للتحرر والانعتاق من كل أشكال الظلم والاستغلال ومثل فكره الثاقب ووعيه الإستباقي وشجاعته النادرة نقطة تحول جوهرية في المشهد السياسي وقراءة دقيقة وأصيلة لواقعنا المعيش بعيدا عن التحجر والدغمائية في لحظة فارقة من تاريخ تونس المعاصرة حيث استشرى خطاب العنف بكل أشكاله: الرمزي والمادي من التحريض في المساجد التي أذن الله تعالى ألا تكون إلا للعبادة إلا محاصرة الفنانين والمبدعين والاعتداء عليهم ثم محاولة ضرب الحريات وقمع المظاهرات والاحتجاجات السلمية عبر مليشيات ما يسمّى بروابط حماية الثورة وفي توازن مفضوح مع القوات الأمنية بمناسبة إحياء ذكري 9 أفريل 2012 إلى ذلك الاعتداء الهمجي يوم 04 ديسمبر 2012 على بطحاء محمد قلعة النضال وما تختزله من رمزية تاريخية في مقاومة الاستبداد والديكتاتورية وهو ما أعتبر اغتيالا ثانيا للشهيد زعيمنا النقابي فرحات حشاد .
لقد كان رفيقنا وأخونا شكري بلعيد صوت من لا صوت لهم من الفقراء والمهمشين والمضطهدين من مختلف الطيف التونسي في كل الفضاءات العامة داخل المحاكم وفي مختلف وسائل الاعلام وعبر الساحات وكان أول من نبّه التونسيات والتونسيين إلى خطر الانزلاق إلى مربع العنف.
وظّل طوال مسيرته مدافعا شرسا عن قضايا الاتحاد العام التونسي للشغل مؤمنًا بمبادئه التأسيسية وقيم الناشئة فيه محاميا متطوعا لا يكل ولا يمل على النقابيين وعلى العمال في ردهات المحاكم في كل منبر.
حتى أدرك أعداؤه وخصومه قوة وعيه وعمق ثقافته وصدقيته فاعتبروه خطرا على مشروعهم المعادي للدولة الوطنية والمرتبط بمحاور إقليمية ودولية فكادوا له كيدا وراحوا يسممون الأجواء بالشائعات ويوترون المناخ الاجتماعي السياسي بما سموه بتدافع ويحرضون عليه تحريضا علنا وسرا فدبروا امر تصفيته لأنهم لا يؤمنون بالحق في الاختلاف والديمقراطية عندهم مجرد مطيّة للوصول إلى الحكم والفوز بغنائم السلطة.
وما أشبه الليلة بالبارحة، لكأن التاريخ يعيد نفسه إذ نلاحظ بوضوح لا لبس فيه الدفع باتجاه إعادتنا إلى مربع العنف من جديد عبر التحريض وتوتير الفضاءات العامة واستهداف ممنهج للمؤسسات من أجل التمكين والاستيطان في مفاصل الدولة.
إننا نحيي اليوم ذكري الشهيد الرمز حتى نعتبر مما كان شكري بلعيد سباقا في التنبيه إليه عندما دعانا للتصدي إلى أساليب التحريض على بعضنا البعض والتحريض ببعضنا البعض والدفع بالمليشيات للاعتداء على المحتجين والمتظاهرين السلميين المطالبين بما يكلفه دستور الثورة من الحقوق والحريات.
إنّ فشل الائتلاف الحاكم في إدارة الشأن العام وتحقيق الحد الأدنى من مطالب شعبنا الشغل والكرامة الوطنية لدليل قاطع على عجز هذا الائتلاف مثل سابقيه على فهم الواقع وايجاد الحلول المناسبة لمشاكله وتعقيداته لذلك نجده مرة أخرى يلجؤون الى العنف بديلا للحوار ويهيؤون الى التسلط سبيلا للاستمرار في الحكم، ولكن لن يمروا فقوى الشعب الوطنية الحية بمناضلات ومنضاليه وبمنظماته الوطنية ومجتمعه المدني واقفة ثابتة على المبدأ وفية للشهداء لا تساوم في الحقوق والحريات وفي الذود عن الوطن والسيادة.
وإننا في الاتحاد العام التونسي للشغل، ونحن نحيي الذكرى الثامنة لاغتيال شهيد الوطن شكري بلعيد نجدد مطالبتنا بكشف حقيقة اغتياله واغتيال رفيق دربه محمد البراهمي وكل الاغتيالات التي ابناءنا من المؤسستين الأمنية والعسكرية ومازلنا متمسكين بدورنا في المتابعة القضائية بملف الاغتيالات ونعتقد جازمين انه طالما لم يتم كشفها فان التجربة الديمقراطية في تونس تظل هشة ومهددة بالانتكاس ما دام القتلة الارهابيون يرتعون بيننا.
المجد للشهداء والعزة لتونس