صورتان…
وفي قلبي
مئة قصيدة … بلا عنوان
وطفلٌ…
لا يزال يحنّ لذات المكان
أجلس بينهما
كما يجلس المنفيّ بين لغتين:
واحدةٌ تفهمه
وأخرى غامضة
لكنّه يتهجّاها …. لكي يعبر غابة
الإنسان
وكلتاهما
لا تكشف مكامن الأحزان —
تسألني صورتي القديمة:
هل كنتَ تظنُّ الطريق مفروشًا
بالورد؟
أم كنتَ تراه وطنًا من قصائد؟
فأجيبها بمرارة: كنتُ أظنه أنا
أنا …. الطّفل الذي كان —
ما أثقل الصّورة
حين تصبح خطاكَ بلا عنوان
وما أقسى أن ترى نفسك
كأنّك فصلٌ منسيّ
في كتابٍ … أُغلق قبل الأوان —
صورتان…
لم أعد أبحث عن النّهايات
فهي تأتي دائمًا …. بلا استئذان
لكنّني أبحث عن لحظة
كان فيها اسمي واضحًا
في فم أمّي
وكان وجه أبي يحمل نور المساء
ورائحة النّعناع والرمّان —
أبحث عن طريق
لم يُؤدِّ إلى الرّحيل
عن مقعدٍ في المدرسة
ما زال يحتفظ بخربشاتي
عن رائحة طباشير
تقول لي: كن أنت… ولو تغيّرت
الأماكن —
لكنّني كبرت
لا كما يريد الزّمان
بل كما يُجبرنا الفقدُ
أن نكبر… قبل الأوان —
لم يعد لي من الأمس
إلاّ ما تبقّى في قاع الذّاكرة
ولا من الغد
إلاّ ما لا يشبهني
صرتُ أكتب
لا لأحكي
بل لأتّقي وجع الكلام
وأنقذ روحي
من طوفان النّسيان —
تسقط الصّورتان من يدي
ولا أنحني لالتقاطهما
فما عاد لي وجه
يبحث عمّن يشبهه!
أنظر إلى الغياب طويلًا
كما ينظر حجر
إلى حجر
لا عزاء، لا ندم، لا دمعة…
فقط…
فراغٌ يعرف اسمي
ويكتفي بأن أظلّ فيه —
صورتان
وفي المرآة بينهما
أرى ما لا تُظهره العدسة
أرى قلبي
وهو ينادي على نفسه: لا ترحل
لا…
فيجيب الصّدى: تلك الصّورة ليست
أنا
كبر الطّفل … كبر
كببببررررر
فااااااات الأوااااان.
حسن ماكني/ تونس