full screen background image
   السبت 23 نوفمبر 2024
ر

معرض “المدينة الحالمة” لنبيل الدريدي بفضاء “صوفونيسبا”: أحاسيس تقتفي أثر الذات وبصمة متفردة لفنان كبير

يحتضن فضاء “صوفونيسبا” بقرطاج هذه الأيام، وإلى حدود يوم غرة جويلية القادم معرضا بعنوان “المدينة الحالمة” للفنان التشكيلي التونسي المقيم بباريس نبيل الدريري، وهو معرض واكبنا افتتاحه الذي حضرته رئيسة بلدية قرطاج، بحضور عدد من الصحفيين والفنانين التشكيليين والمتابعين للفن التشكيلي ومحبيه. ويتضمن المعرض أكثر من ثلاثين لوحة مختلفة الجماليات والأحجام والرؤى، إلا أنها تجتمع في التفرّد وفي البصمة التي لا يمكن إلا أن نجدها عند نبيل الدريدي الذي ركّز في لوحاته على المعمار بأسلوب جميل ومخالف للمعهود، فالمدينة عنده هي فسيفساء رائعة من الألوان الدافئة ورحلة بهيّة في فضاءات شتى من التأويل وحنين مترامي الأطراف للوطن.

أغلبية اللوحات تتوفّر فيها الهندسة بالتركيز على الشكل الدائري الذي يحيلنا على القمر أو ربما على الشمس، حيت الإضاءة والتركيز على شيء ما.. هذا الشيء هو الواقع المكتوب بالريشة وباللمسة الفنية الإبداعية، وما قرأناه في هذه الأعمال أحالنا مباشرة على الأمل والحياة والحب في الآن ذاته. كما تتوفر اللوحات على القباب والمباني بأبوابها ونوافذها، وفيها قرأنا الوجوه الصارخة التي تتوق للحرية وللمأساة في نفس الوقت، لكن الأمل يظل موجودا من خلال الشكل الدائري الذي أشرنا إليه.

إن اللوحة الواحدة من لوحات الفنان نبيل الدريدي تتطلب أكثر من قراءة حيث أنها قبلة لأكثر من تأويل، وهذه ميزة الأعمال الكبيرة، فاللوحة التي نراها بنفس الرؤية هي بالضرورة لوحة تافهة، لكن لوحات الدريدي تجعل الواحد منا يقرؤها كل بطريقته، ويد يقرؤها نفس الشخص مرارا وبطرق مختلفة، وهذا هو المطلوب في الفن التشكيلي وفي بعض الفنون كالشعر والمسرح والرواية.

إن الزائر لمعرض “المدينة الحالمة” لنبيل الدريدي يحس أنه داخل اللوحات، لا خرجها، ويجد نفسه مشدودا إليها ومشدوها بما تحمله من جماليات وايحاءات، مما جعل النقاد يرون أن هذا الفنان عالمي لاسيما أنه لم يقلّد أحدا وأن لوحاته تدلّ عليه وأنها لا تنتمي لأية مدرسة، وهو ما يجعل الافتراض قائما أن تتحول تجربة الدريدي إلى مدرسة قائمة الذات.

وما نرجوه، هو أن تنتبه وزارة الشؤون الثقافية وإدارة الفنون التشكيلية وغيرهما إلى أهمية تجربة الفنان التشكيلي نبيل الدريدي الطائر الذي يحلق بألف جناح وبآلاف الألوان.

عادل الهمّامي