تعد تربة الباي أكبر مقبرة خاصّة بأمراء الدولة الحسينيّة وذويهم الذين حكموا البلاد التونسية من 1705 إلى 1957 ميلادية، ويعود تاريخ التربة إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وهو معلم مهيب، رباعيّ الأضلاع في غير تناسق، تطلّ منه على الخارج نوافذ مستطيلة الشكل وتزيّن سطحه قباب أهمّها مكسوّة بقرميد أخضر في شكل حرشفيّ.
يتمّ الدخول إلى التربة من بوّابة ضخمة تفتح على بهو عريض يلاحظ في زخرفته تأثير إيطاليّ واضح، ويتأكّد أكثر داخل المعلم متزاوجا مع الأسلوب العثمانيّ في القاعة الرئيسية التي دفن فيها البايات ممّن تولّى الحكم والتي تبدو كأنها انعكاس بعيد لهندسة آيا صوفيا في تركيا.
أمّا الصحن المبلّط والذي تنتشر فيه القبور، فهو يفصل البهو عن القاعة الرئيسيّة ويفضي إلى قاعات أخرى بعضها متّصل ببعض، وفيها مدافن آباء البايات وأمّهاتهم وأقاربهم. وتعلو قبور الرجال عمائم منحوتة من الرخام، في حين تدلّ على قبور النساء مجرّد شواهد. أمّا السقوف فهي تارة في شكل قبو وطورا في شكل قبّة، وهي كلّها محلاّة بزخارف هندسيّة ونباتيّة منقوشة في الجصّ، متعدّدة الألوان أحيانا.
وأمّا الجدران فهي في الغالب مكسوّة بجليز خزفي. والقبور المنحوتة مغطاة في الأرض بصناديق رخامية غنية بالنقوش تعلوها أعمدة رخام مبلطة تحمل بالنسبة لقبور الرجال شكل عمامة أو طربوش من الحجارة المنحوتة، أما قبور النساء فتحمل من جهة الرأس صفيحتان على كل واحدة منها كتابة منقوشة. ومن أهم مشاهيرها ابن خلدون حيث ولد بالدار الكائنة بنهج تربة الباي رقم 34 عام 1332 (732 للهجرة).
حارة سيدي عبدالسلام: تقع في مدينة تونس العتقية بنيت في عهد باي تونس حمودة باشا على السور الغربي للمدينة العتيقة وتحمل اسم الولي الصالح سيدي عبدالسلام الاسمر الذي يعد من أهم علماء الاسلام في القرن العاشر هجري وهو من فقهاء المالكية وعالم في عقيدة اهل السنة والجماعة واخذ اهم ركائز الحركة العلمية والدعوية في المغرب الاسلامي.
حارة باب سويقة: يقع قرب حي الحلفاوين المجاور لباب العسل وباب الاقواس، بين باب البنات وباب قرطاجنة من الأسوار الداخلية، وبين باب الخضراء وباب سعدون من الأسوار الخارجية للمدينة العتيقة، وكان قد هُدم عام 1861.
وهو حاليًا أحد أهم الأحياء الشعبية للمدينة تونس نسبة إلى ذلك الباب. جاءت تسمية باب سويقة تصغير لكلمة سوق، وهناك روايات تقول إن بئرا كانت توجد في تلك المنطقة، وكان يجتمع حولها السقاؤون الذين يأخذون المياه ويتجولون بها لسقي الأشجار والنباتات في المدينة.
وتوجد فيه العديد من المعالم التاريخية وأهمها على الإطلاق زاوية سيدي محرز وجامع باي محمد وجامع الزرارعية. خاصة وقد كانت توجد به مكاتب العديد من زعماء الحركة الوطنية ومن بينها مكتب المحامي الزعيم الحبيب بورقيبة، وصيدلية بن حمودة، ومكتب المحامي صالح بن يوسف. يشهد باب سويقة في شهر رمضان احتفالات حيث توجد فيه العديد من قاعات السهرات الليلية أو ما يسمى “الكافيشانطا” وغيرها .
باب بنات: وهو خامس باب يُفتح في أسوار المدينة بين عامي 1228 و1249 م، وهو حاليًا مهدّم. سمي بـباب البنات لأن السلطان أبو زكريا الحفصي (1223-1249) استبنى بنات عدوه يحي بن غانية الثلاث ورباهن في قصر واقع قرب هذا دالباب. كان دور هذا الباب هو فصل مدينة تونس العتيقة عن حي الأقارب المسيحيين للسلاطين الحفصيين.
باب الفلة: سمي بـباب الفلة نظرا لأنه كان مجرد ثلمة أو “فلة” في سور المدينة العتيقة. وقد استعمل لفرار السكان عندما احتل الإسبان المدينة في القرن السادس عشر. سمي أيضا باب السرداب، وهو باب يقع على السور الثاني جنوب المدينة. بني سنة 1350، له دور اقتصادي هام فهو يفتح على الطرق المؤدية إلى القيروان وزغوان. هناك بجانب الباب سرداب سمح بهروب ساكني المدينة خلال استيلاء شارل الخامس على الحاضرة في 1535 م عند اقتراب الإسبان. هدم هذا الباب قبل عام 1890.
باب الخضراء: يفتح هذا الباب على حقول خضراء شاسعة تزرع فيها الخضر والأشجار المثمرة. كان هذا الباب المحمي بحصن يسيطر على الطريقين المؤديتين إلى قرطاج وأريانة. أدى تنامي دوره الاقتصادي والاستراتيجي إلى اختفاء باب قرطاجنة. بعد سنة 1881 تم تعويض الفتحة الوحيدة المتبقية من البوابة الضخمة بالمعلم الموجود حاليا والذي يمنح الحي طابعه الخاص.
باب البحر: بني في عهد الأغالبة، يقع في السور الشرقي للمدينة العتيقة، تروي بعض المعتقدات بأن مياه البحر كانت تصل إليه وهو ما لم يحدث قط، ولكن أخذت تسميته لأنه يفتح في اتجاه البحر، وهو في حقيقة الأمر يقع قبالة بحيرة تونس مما يسهل الحركة بين المدينة والمرفأ في البحيرة.
وكانت هذه الأبواب نافذة مدينة تونس عبر التاريخ مشودة بأسوار وأعمدة لتحمي المدينة بداخلها وعلى علاقة وطيدة بالحياة الاقتصادية من خلال التبادل التجاري مع التجار القادمين من خارج المدن، ولم يبقى منها اليوم سوى خمسة أبواب وذلك لعدة أسباب منها التوسع العمراني والإهمال وعدم الحرص على الصيانة المستمرة للتراث الوطني، ويجب الحفاظ عليه لأنه يشكل جزءا كبيرا من الهوية الوطنية، ويعتبر عاملا مهما في الحفاظ على الاستدامة الاقتصادية مما يؤدي إلي تعزيز المصلحة العامة
بقلم: محمد عاشور