full screen background image
   الجمعة 19 أبريل 2024
ر

رئيس الجمهورية والمشاريع المعطلة: مشروع “جعفر رواد” نموذجا

متابعة منا لما أوردناه في مقالين سابقين حول مشروع المنطقتين الصناعية والسكنية برواد الذي ظل معطلا لسنوات رغم أن قرار انجازه تم سنة 2009 وأن دراسته اكتملت سنة 2010، على أن تنطلق الأشغال سنة 2011.

وقبل الخوض مجددا في تفاصيل اشكاليات تعطيل هذا المشروع، فقد بحثنا في وظائف المؤسستين العموميتين القائمتين عليه ودورهما وانجازاتهما، ونعني تحديدا الوكالة العقارية للسكنى (AFH) والوكالة العقارية الصناعية (AFI). فبالنسبة للأولى، ونعني الوكالة العقارية للسكنى، فإن بعثها تم لغاية التهيئة العمرانية، وقد نجحت سابقا في انجاز عديد المشاريع الكبرى على غرار تقسيمات: حي النصر وحدائق قرطاج وعين زغوان والمروج وبرج السدرية وسهلول وحدائق المنزه وغيرها، وهي مشاريع أدخلت ديناميكية كبيرة لهذه المناطق، فتحركت عجلة الاقتصاد ومعها تحركت عجلة التنمية والتربية والثقافة والاتصال وغيرها، كما استفاد من هذه المشاريع مئات الآلاف بين باعثين عقاريين ومستثمرين ومواطنين ممّن تمتعوا بالمسكن الفردي بأثمان معقولة، كما ساهمت في تعديل أسعار بيع الأراضي السكنية.

وبالنسبة للثانية، ونعني الوكالة العقارية الصناعية، فقد تم بعثها لتهيئة الأراضي للمصانع، وقد نجحت سابقا في عديد المشاريع مثل: المنطقة الصناعية بالمغيرة والمنطقة الصناعية بزغوان والمنطقة الصناعية بالزريبة وغيرها من المشاريع الكبرى بكافة ولايات الجمهورية، وقد استفاد منها مئات الآلاف بين مستثمرين وإطارات وعملة، كما ساهمت هذه المناطق في تحريك عجلة الاقتصاد واستقطاب المستثمرين الأجانب.

لكن، وببحثنا وتقصّينا، تأكد لنا أن للوكالتين المذكورتين عديد المشاريع المعطّلة منذ سنوات على غرار: مشروع حدائق تونس ومشروع الزهراء وكلاكما للوكالة العقارية للسكنى ومشروع جعفر رواد للوكالتين المذكورتين، وهو موضوع مقالنا. وللتذكير، فإن هذا المشروع ظل معطلا لسنوات، وبناءً على ما كتبناه في مقالين سابقين، اتصل بنا ممثل مالكي قطعة الأرض التي ستقام عليها الطريف المؤدية للمشروع، وأفادنا مشكورا أن والي أريانة السابق ورئيس بلدية رواد الحالي اتصلا به وأعلماه بالمشروع وطلبا منه بيع الممر لوكالة العقارية للسكنى والوكالة العقارية الصناعية بعرض ثلاثين مترا حسب المواصفات، وكان ذلك بعد أن فقدت الوكالتان الممر الأول المبرمج في المثال الهندسي العمراني بسبب زحف البناءات الفوضوية حيث تم تشييد حوالي خمسين منزلا على العقار المذكور إضافة إلى مستودع وجامع، وأن الوالي ورئيس البلدية توسطا بينه وبين الوكالتين المذكورتين وبينه وبينه وبين الإدارة الجهوية للوكالة العقارية للسكنى بأريانه وأنه تم ابرام محضر جلسة بين جميع الأطراف، وأضاف محدثنا أنه قام بإذن على عريضة لتعيين خبير بهدف تحديد القيمة المالية لقطعة الأرض التي سيقام عليها الممر، وأن الوكالة العقارية للسكنى قامت بتعيين خبير ثان فحدد قيمة الممر بمبلغ يفوق القيمة التي حددها الخبير العدلي، وعبر عن رغبته في البيع أو المعاوضة شرط التسريع في الاجراءات، ولكنه اتسغرب أن الحال ظل على حاله منذ سنوات، وأكد أنه اتصل بعد ذلك بالإدارة الجهوية لوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بأريانة، فأكدت له أن الاتفاق المبرم بينه وبين بقية الأطراف لا قيمة له وأنه غير صالح لسببين اثنين، أولهما عدم ذكر قيمة قطعة الأرض التي سيقام عليها الممر وبالتالي عدم تحديد قيمة الاداءات المستوجب دفعها وثانيهما أن الاتفاق ليس عقدا نهائيا، وأكد مخاطبنا في حديثه أنه التقى مؤخرا بوالي أريانة الجديد، فعبر له عن حرصه على انجاز المشروع في أقرب الآجال وأنه سيسعى شخصيا لتنفيذ هذا الانجاز.

وبعد لقائنا بممثل مالكي قطعة الأرض، اتصلت بنا الوكالة العقارية الصناعية، فتحولنا إلى مقرها أين التقينا برئيسة مشروع المنطقة الصناعية “جعفر رواد” السيدة إيمان بوزيد، فأفادتنا مشكورة أن الوكالة تسعى منذ سنوات لايجاد حل للاشكالية العالقة وأنها تتابع شخصيا الملف وتتفاوض مع الوكالة العقارية للسكنى باعتبارها شريكا في المشروع، مضيفة أن الممر الأول الذي تم التفريط فيه سيكلف الوكالتين ما لا يقل عن خمسة عشر مليون دينار بسبب أشغال الهدم ومبالغ التعويضات، وأن الحل الوحيد هو الممر الثاني الذي سيتم اقتناؤه بالشراكة مع الوكالة العقارية للسكنى لا سيما أن ثمنه يقدر بحوالي مليوني دينار فقط، مشيرة إلى أن الوكالتين مستعدتان لاقتناء قطعة الأرض التي سيقام عليها الممر المؤدي للمشروع وأن هناك سعي لابرام العقد النهائي في أقرب الآجال.

ومن جهتنا نتساءل، إذا كانت متفقة، فلماذا لم يتم إلى حد الآن حل الاشكال العالق؟ ولماذا لم يتم التسريع في انجاز هذا المشروع الضخم لا سيما أن بلادنا في أمس الحاجة إلى مثل هذه المشاريع المحركة للاقتصاد والتنمية؟! وجدير بالذكر أننا سنواصل متابعتنا لهذا الملف، إذ ليس من المعقول أن يقف رئيس الجمهورية على كل مشروع معطل على غرار مشروعي: قنطرة بنزرت ومسبح البلفيدير وغيرهما، وندعو بالمناسبة الزملاء الصحفيين إلى متابعة هذا المشروع وغيره من المشاريع المعطلة لأسباب تافهة ومسترابة ولمبالغ زهيدة، ولنا عودة إلى ذات الموضوع سواء طرأ بخصوصه جديد أو لم يطرأ.

عادل الهمامي