افتتحت وزيرة العدل بالنيابة السيدة حسناء بن سليمان صباح اليوم أشغال اليوم الدراسي الذي نظّمه كلّ من مركز الدراسات القانونية و القضائية بوزارة العدل و مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية حول “السياسة الجزائية للدولة”، وذلك بحضور رئيس المجلس الأعلى للقضاء و وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب و والمدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية و المدّعي العام للشؤون المدنية بوزارة العدل و مدير مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية وعدد من سامي القضاة و ممثلي النيابة العمومية والمحامين و رجال القانون.
و بينت وزيرة العدل في كلمتها أن ملتقى اليوم يلتئم في إطار عام تميزه أحكام دستور 2014 الذي يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينها وتكون كل سلطة فيها وفق اختصاصاتها مسؤولة على العمل طبق سياسات الدولة التي تضمن فيها الحقوق والحريات وحقوق الإنسان وعلوية القانون وسيادته، وهي سياسات تُصاغ وتُطبّق في المجال الجزائي تحت سقف قرينة البراءة والمحاكمة العادلة طبقا للفصل 27 من الدستور وشخصية وشرعية العقوبة تطبيقا للفصل 28 من الدستور وضوابط وقواعد الحد من الحرية المضمنة بالفصل 29 من الدستور وعدم قابلية الكرامة الإنسانية للاختزال وفق ما بينه الفصل 30 من الدستور.
وأضافت وزيرة العدل بالنيابة أن رئيس الحكومة يضبط السياسة العامة للدولة مع مراعاة مقتضيات الفصل 77 من الدستور و يسهر على تنفيذها وفق ما نص عليه الفصل 91 من الدستور، مشيرة بخصوص السياسات العمومية في مجال العدل وعلاقتها بالسياسة العامة أن قاعدتها الأساسية ترتكز على تحسين مناخ الاستثمار وتطوير الموارد الذاتية للدولة كأولوية لا يمكن أن تتحقّق إلا عبر العمل على مكافحة الاحتكار والتهريب والفساد والوقوف ضدّ تعطيل آليات الإنتاج والإضرار بمواقعها ومراجعة التشاريع المكبّلة للمبادرة والمعارضة للتطورات التقنية.
كما ترتكز على العمل على إدماجية المجتمع وحماية الفئات الهشة بما يقتضي منع انتشار الجريمة لدى الشباب ومكافحة العنف ضد المرأة وتطوير آليات الحماية والوقاية، فضلا عن مواجهة مختلف التحديات في إطار انتقال ديمقراطي له خصوصياته في ظل التغيرات العالمية يقتضي تعزيز مكافحة الجريمة المنظمة والمتشعبة وعبر الوطنية وخاصة منها الإرهابية.
وبينت وزيرة العدل بالنيابة أن جملة الأهداف المشار إليها لا تتحقق دون قضاء ناجز وناجع، نزيه ومستقل يعمل بآليات متطورة مع ضرورة وجود منظومة عقابية عادلة تحفظ كرامة الإنسان وتُؤْثر الإصلاح والوقاية على الزجر، مذكّرة بأنّه الإطار الذي تمارس فيه وزارة العدل مشمولاتها لا سيما وأنها تسعى سواء في عملها اليومي أوفي سياق الإعداد لإستراتيجيتها خلال الفترة القادمة إلى تحقيق الأهداف المرسومة.
و أوضحت الوزيرة أن إعداد مجلات جديدة على غرار المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية هي مشاريع كبرى تم العمل عليها بعد دستور 2014 بكفاءات وطاقات وطنية و تعمل وزارة العدل على استكمالها وتجاوز كل تعقيدات الإعداد والصياغة بشأنها، تحقيقا لما ترمي إليه من غايات سامية من أبرزها الموازنة بين تكريس الحقوق والحريات وتتبّع الجرائم والتصدي للإفلات من العقاب و تحقيق الأمن لأفراد المجتمع و تطوير القواعد القانونية والإجرائية وأنسنتها.
واختتمت وزيرة العدل كلمتها بالتأكيد على أن هذا اليوم الدراسي سيكون بداية للحوار والاستشارات حول وضع سياسة جزائية للدولة التونسية تتخللها محطات تفاعل تجمع أكبر عدد ممكن من الخبرات والمختصين لرسم تصور لسياسة جزائية يقاس نجاحها بقدر الحط من عدد الإيقافات والمحاكمات لا بارتفاعها وبالنزول بعدد القضايا ونسبة الطعون لا بتفاقمها، سياسة تعتمد مؤشرات إنفاذ القانون بتحقيق غاياته وتضمن سلامة المجتمع من السلوكيات الإجرامية وتُحقّق احترام حقوق وحريات أفراده بما يكفل تقدّمه وتطوّره.