نظمت الجمعية الثقافية التونسية للإدماج والتكوين ACTIF ندوة فكرية محورها “منظومة حقوق الانسان في ظل الواقع الحالي” ضمن فعاليات الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لافلام حقوق الانسان وعقدت الندوة بالشراكة مع شبكة أنهار لمهرجانات أفلام حقوق الإنسان، وجمعت ممثّلين عن المنظمات الحقوقيّة ، ومخرجين وصحفيين ومديرين مهرجانات سينمائيّة، من جغرافيات مختلفة، ملتزمين بالقضايا العادلة ، للتّفكير معاً في التحدّيات الجديدة التي يطرحها تكريس المنظومة الحالية على أرض الواقع..
شكّل هذا اللقاء فضاءً مفتوحاً للحوار وتبادل القناعات والتجارب والرؤى وهو دعوةً إلى العمل الجماعي من أجل أن تظلّ القيّم العالمية لحقوق الإنسان مصدر إلهام للجميع، انقسم برنامج الندوة الى جزأين قسم اوّل للمنظمات الحقوقية وقدموا فيه قراءة عن واقع حقوق الانسان في الوقت الحالي وقسم ثان خصص للسينما ودورها في الدفاع عن الحقوق.
افتتحت الندوة بكلمة للسيدة ريم بن منصور رئيسة الجمعية الثقافية التونسية للادماج والتكوين بالقول ” نحتفي بمبدأ عدم قابلية الحقوق للتفريع، لأن الحريّة لا تكتمل دون مساواة وحقوق المرأة لا تنفصل عن الحقوق المدنية، وحقوق الطفل لا تزدهر في عالم يسوده العنف والحرب” ونوهت بن منصور الى أهمية السينما لنشر ثقافة حقوق الانسان والدفاع عنها “نحن نؤمن أن الصورة قادرة على إيقاظ الوعي وإلهام التغيير، لذا سعينا ان نجعل من الفن السابع أداةً للتفكير والتوعية والأمل” حسب تعبيرها.
تلاها مداخلة مريم بوجلبان ممثلة منظمة العفو الدولية تحدثت فيها عن تماهي شعار المهرجان الدولي لأفلام حقوق الانسان “الحقوق لا تتجزأ” مع المادة الأولى للإعلان الدولي لحقوق الانسان.
وأكدت في مداخلتها يعيش العالم ازمة حقوقية خاصة جراء صعود اليمين المتطرف في أمريكا والصمت الرهيب تجاه المجازر في غزة والسودان واليمن ولبنان والكونغو والمجتمع الدولي مهد لهذه الفوضى بالتواطئ والصمت.
وأضافت في تونس هناك ازمة حقوقية تتعلق أساسا بحرية التعبير وهي من اهم اهداف ثورة 2011 بالإضافة الى ملفي الهجرة واستقلال القضاء، نعيش في تونس العديد من الانتهاكات مثلانتهاك الحق في التظاهر السلمي والحق في بيئة سليمة وما تعانيه قابس خير دليل على صمت السلطة تجاه هذا الحق، بالإضافة الى التضييقات على حقوق التعبير من خلال المرسوم54.
المداخلة ثانية قدمتها ايمان محمدي ممثلة الأمم المتحدة للمرأة عن السينما وسيلة لتعزيز حقوق المراة وأشارت الى القانون عدد 58 لسنة 2017 الذي يشتغلون عليه لمزيد تعزيز حقوق النساء، في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمناخية فكل المتغيرات تأثر على حقوق النساء.
وأكدت محمدي انهم يشتغلون حاليا على فكرة “الفضاء الامن” أي كيف يكون الفضاء العام آمنا للنساء على غرار الجامعة ووسائل النقل والشارع ويستعملون السينما وسيلة للتغيير والتأثير وبعد عمل ودراسات انتهوا الى تصوير فيلم وثائقي عنوانه ” ما وراء الواقع” اخرجه بشير بوزيان ويتناول الفيلم قصة حياة وهي مصممة أزياء تونسية تتعرّض خلال حياتها اليومية للعنف الجسدي والجنسي والمعنوي والرقمي، مسلّطا الضوء على الاثارة الدائمة على الأفراد.
وأنجز الفيلم ضمن مبادرة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في تونس وذلك في إطار مشروع “تونس مدينة آمنة للنساء والفتيات” بهدف رفع مستوى الوعي حول العنف المسلّط ضدّ النساء.
حمل الجزء الجزء الثاني من الندوة حمل عنوان “السينما والذاكرة والمقاومة” وتحدث المتدخلون عن السينما أداة للتوعية والمقاومة والتغيير الاجتماعي.
في هذا السياق تحدث المخرج التونسي الهادي كريسعان في مداخلة نوّهت بأهمية السينما وسيلة للتأثير ثمّ التغيير فالسينما فعل للمقاومة، لذلك اخترتها وسيلة للتعبير والانصات لقضايا الناس، كما قال المخرج التونسي المقيم بإيطاليا الهادي كريسعان.
وفي مداخلته أشار كريسعان الى بداياته كممل في إيطاليا حيث اقتصرت ادواره على “المهاجر الذي لا يحترم القوانين وما ينجزه من فوضى” هذه الصورة النمطية للمهاجر اردت الاشتغال عليها ولذلك اخترت السينما حتى تكون الكاميرا صوتا للجميع لأنني اردت ان احكي على المهاجرين من وجهتي نظري حسب تعبيره.
وأضاف كريسعان في اروبا تحديدا إيطاليا هناك الكثير من المغالطات أولا بخصوص المهاجرين ثم القضية الفلسطينية هناك في الدول الغربية “الكيان الصهيوني” يدفع الكثير من الأموال لطمس الحقيقة ولهذا قررت ان تكون الكاميرا والسينما وسيلتي لنقل حقيقة ما يحدث في فلسطين الى اروبا ومن هنا ولد فيلم “الوديعة” الذي تحدث أساسا على العلاقة الوثيقة بين الفلسطيني وشجرة الزيتون وحقق الفيلم تفاعلا إيجابيا فعرض في كان وفينيسيا وعدد من دول العالم.
وأشار الهادي كريسعان السينمائي المستقل في إيطاليا يعاني الكثير بسبب قلة الموارد، لان المستقلين الأكثر حرية في طرح الأفكار ولكن قلة الدعم تأثر أحيانا على الإنتاج، وختم الهادي كريسعان مداخلته بالإشارة الى أهمية السينما صورة للحقيقة وانتصار لكل القضايا العادلة.
اسبانيا ضيف شرف الدورة العاشرة من المهرجان وفي مداخلتها اشارت المخرجة الاسبانية ايمانويلا زوكا الى الثراء والتنوع الذي شاهدته في المهرجان الدولي لحقوق الانسان بتونس، منوهة “اسبانيا ورغم قربها الجغرافي من شمال افريقيا ولكن المهرجانات السينمائية التي ننظمها اقل ثراء مما وجدته هنا، الأفلام من دول مختلفة واكتشفت هنا جمالية الأفلام الافريقية وتنوّع مواضيعها” مضيفة في كلمتها من مهرجان أفلام حقوق الانسان بتونس شاهدت أفلام بمواضيع جد متباينة وتيقنت ان المهرجانات في دولتي ليست بهذا الكمّ من ثراء المواضيع والمشاهد المتناولة.
وايمانويل زوكا مديرة Humen Festالمهرجان يختار سنويا محورا للاشتغال عليه في اختيار الأفلام والنقاشات، والدورة السادسة عشرة التي أنجزت في 2025 عملنا على “تحقيق السلام” و سيكون “حقوق الطفل والشباب” محور جورة 2026، والمهرجان من تنظيم “منظمة من اجل العدالة” هي غير حكومية بعثها عدد من المحامين والقضاة المهتمين بالعدالة وحقوق الانسان عبر السينما، كما يتوجه المهرجان الى التلاميذ والمؤسسات التربوية والجمعيات المهتمة بدور الفن في الدفاع عن حقوق الانسان.















