بعد ان أنهت السفينة العلمية الفرنسية الفراد مارلين مهمتها الاستكشافية بموقع سكيركيس الواقع بالجرف القاري التونسي على بعد 90 كلم قبالة الساحل الشمالي التونسي وشمال غرب قناة صقلية، الموقع الاستراتيجي وسط البحر الأبيض المتوسط ونقطة عبور السفن ومركز المبادلات التجارية منذ عدة الاف السنين، للبحث عن التراث الثقافي المغمور بالمياه والمسح الجيوفيزيائي تحت الماء لاكتشاف مواقع السفن الغارقة بأعماقه التي تتكون من الشعاب المرجانية، والتي يبلغ طولها عدة كيلومترات، وتطفو بعض قممها تحت سطح البحر مباشرة في أعماق تتجاوز مئات الامطار، مما يجعل الملاحة بهذه المنطقة محفوفة بالمخاطر.
تندرج هذه المهمة في اطار مشروع التعاون الدولي لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، المسار المتكامل الذي يسعى الى تكريس التعاون المشترك بين الدول الأعضاء المصادقة على اتفاقية اليونسكو لسنة 2001 لحماية التراث المغمور بالمياه، بالاعتماد على المجهودات المشتركة للدول الشريكة وهي اسبانيا وإيطاليا والجزائر وفرنسا وكرواتيا ومصر والمغرب وتونس بصفتها الدولة المنسقة، بمبدأ تفعيل الية التعاون بين الدول الأطراف للاتفاقية ومبدا الاخطار وتبادل المعلومات والمعارف فيما بينها ودعم القدرات والمهارات المتعلقة بالتراث الثقافي المغمور بالمياه والتي تعد تجربة نموذجية لحماية مواقع اثرية زاهرة ببقايا حطام سفن تعود الى عصور وحضارات مختلفة. بالمناسبة نظمت وزارة الشؤون الثقافية بالتعاون مع وكالة احياء التراث والتنمية الثقافية والمعهد الوطني للتراث تحت اشراف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة يوم أمس السبت 3 سبتمبر 2022 حفل اختتام هذه الحملة بالميناء الترفيهي مارينا ببنزرت لتسليط الضوء على أهمية التعاون الدولي لحماية هذا المشروع والتطرق لاهم النتائج العلمية التي توصل اليها الفريق المتكون من مختصين من الدول الشريكة في المجال.
وقد اكدت وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط قرمازي لدى اشرافها على هذا الحفل بحضور وزيرة البيئية ليلى الشيخاوي وسفراء كل من جمهورية مصر العربية وإيطاليا واسبانيا وأعضاء اللجنة العلمية الاستكشافية وممثلين عن اليونسكو، وممثلي السلط الجهوية بولاية بنزرت، ان لتونس احقية تاريخية في مجال حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه باعتبارها اول من صادق من الدول العربية على اتفاقية اليونسكو في المجال وان أول اكتشاف للتراث المغمور بالمياه حدث في تونس باكتشاف حطام سفينة بسواحل المهدية سنة 1907 من طرف صائدي الإسفنج على مسافة 4 كيلومترات وفي عمق 41 مترا. وأفادت ان السواحل التونسية كسائر سواحل الدول العربية يوجد بها العديد من الاثار القابعة تحت الماء. كما أضافت ان هذا المشروع هو مشروع ريادي على ضفاف البحر الأبيض المتوسط الحضن الذي نشأت فيه أولى الحضارات الإنسانية وان تونس من خلال موقعها الاستراتيجي في المتوسط وقربها من أوروبا وتوجهها نحو الشرق عرفت بهذا النوع من الاثار المتواجد بسواحلها، والذي أصبح اليوم قبلة اهتمام العالم في اطار البحث لكل ما له علاقة لخلق الثروة في الصناعات الثقافية مع مراعاة لجانب الحافظة على المحيط البئي الذي تراهن عليه دائما تونس.
وأفادت الدكتورة حياة قطاط قرمازي في اخر كلمتها انه علينا في تونس بعث متحف تحت الماء يكون قبلة للباحثين في مجال التراث الثقافي المغمور بالمياه ووجهة سياحية للغطاسين وكذلك مركرا لحماية هذا التراث الموجود في مياهنا من النهب والتخريب.
تجدر الإشارة الى ان السفينة العلمية الفراد مرلين التي يبلغ طولها 46 مترا وهي مجهزة بآخر التكنولوجيات الحديثة لاكتشاف أعماق البحار بروبوت قادر على القيام بمسوحات جيوفيزيائية على عمق 2500 مترا، انطلقت من ميناء مرسيليا بفرنسا ودخلت الجرف القاري التونسي يوم 27 اوت 202 بمعاضدة لوجستية من وزارة الدفاع الوطني التونسي للقيام بمسوحات علمية بهدف اعداد خارطة لمواقع التراث الثقافي المغمورة بالمياه.
الشاذلي عرايبية