بقلم: فضيلة مسعي. تونس
من علم اجتماع تعلّمت التأمّل والملاحظة الدّقيقة وكيف أشتغل على الموازنة بين الكمّي والكيفيّ في تحليل المضمون لذلك أجدني أمام إشكالية مفادها: ما هو التّحليل العلميّ لكوفيد-19؟. هل يمكن الحديث عن بلاستيكيّة المخّ البشريّ.؟ ما العلاقة بين بلاستيكيّة المخّ البشريّ وكوفيد-19؟. هل يمكن للبشريّة أن تتجنّب استعمار كوفيد-19 للمخّ البشريّ والشّفاء منه دون دواء خاصّ به أو لقاح؟
جينوم فيروس كوفيد- 19:
يصعب تحديد جنس كوفيد -19 أو كورونا فيروس كما هو شائع بحكم جهل العلم به وهو فيروس تاجيّ ومعد ولا يوجد له دواء أو لقاح إلى حدّ الآن.
هو فيروس ينحدر من مجموعة فيروسات “بيتا كورونا” التّاجية وربّما قد أستعمل خفاش “حدوة الفرس” لتفريخه. هو فيروس جمع بين عدّة فيروسات وخاصّة متلازمة الشّرق التّنفسية (ميرس) والمتلازمة التّنفسية الحادّة الوخيمة (سارس-كوفيد-2). من أهمّ أعراضه انعدام الشمّ والتذوّق والحمّى والسّعال الجاف والإرهاق واحتقان الأنف والصّداع وألم الحلق والإسهال. يصاب بعض النّاس بالعدوى دون ظهور أعراض أو ينقلون المرض لغيرهم ولا يبدو عليهم المرض وتبرز على سطحه نتوءات تسمّى بروتينات ألـ- Spike.
ألـ- spike يهاجم الخليّة ليخترقها وينشط داخل خلايا الجسم و يتكاثر. له خاصّية التّخفي من جهاز المناعة والتحوّل والتأقلم على أسطح البروتين. يدمج غشائه بغشاء الخليّة المصابة والمستهدفة. البشر الأكثر تضرّرا من فيروس كوفيد-19 أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السّن الذين عادة ما نجدهم يتناولون دواء مثبّطات الإنزيم المحوّل للانجيوتنسين. وله خطورة على الرّجال أكثر من النّساء غير المدخّنات. كما ثبت تضرّر الشّباب في الفئة العمرية بين16 سنة و25 سنة.
هاجم الفيروس إلى حدّ الآن أكثر من 36 مليون شخص حول العالم والرّقم في تزايد مخيف. وتوفي جرّاءه ما يربو عن المليون. الأرقام قد تصل إلى حدّ مرعب ومخيف جدّا. الفيروس يهدّد بقاء الإنسانية. خاصّة إذا ما طال أمد الانتشار السرّيع للفيروس دون إيقافه بأدوية ناجعة تقلّل خطورته على المصابين. أو اختراع لقاح يمدّ البشرية بالمناعة ويضعف الفيروس شيئا فشيئا إلى حدّ التّلاشي.
المخّ البشريّ ووظائفه وإمكانية بلاستيكيّته:
المعروف أنّ الجهاز العصبيّ المركزيّ يتحكّم به المخّ الموجود داخل جمجمة الإنسان، عن طريق جنوده المنضبطين والذين لهم نظام شديد الصّرامة وهم الأعصاب القحفية والنّخاع الشوّكي والجهاز العصبيّ المحيطيّ. وبهذا النّظام الصّارم في غرفة العمليّات وهي عبارة عن الجهاز العصبيّ المركزيّ الموجّه لأفعال الإنسان اللاّإرادية. والمنظّمة لحركات وردّات فعل الجسد ككلّ. سرعة أو بطء دقّات القلب والتّنفس وهضم الأكل والإطراف بالعين والشمّ والسّمع والإبصار والتثاؤب. هذه الأفعال يقودها الجهاز العصبيّ التّلقائيّ. نجد في المقابل الأفعال العقلية ذات ميكانيزم ونظام غاية في التّعقيد. كالتّفكير وعمليّتي الاستنتاج والتّجريد والمواهب الإبداعية والفنّية والكلام واللّغة واسترجاع الذكريات.
أمّا المخّ فيزن قرابة ثلاثة أرطال وبه قرابة 100 بليون خلية عصبية. يوجد ثلثها في القشرة المخيّة والباقي في شجيرات النّهايات العصبيّة.
سنة 1819 أشار عالم تشريح إيطاليّ إلى إمكانية التّأثير في بناء المخّ بالأفكار والأفعال. وقد أكّده عالم إسباني سنة 1911 إذ أكّد على “نموّ الخلايا العصبيّة في الحجم ونموّ الوصلات فيما بينها”[1] والخليّة العصبيّة “مثل نبات طويل ورفيع وله أوراق دقيقة وقاعدة منتفخة قليلا.”[2] شبيهة نبات الكمأ أو بوق مكبّر الصوت أو أكواز الذّرة.
بحسب رأي عالم الأعصاب الأمريكيّARNOLD SCHEIBEL أرنولد شيبل المولود بنيويورك في 1923 والمتوفّى بكاليفورنيا 03 أفريل 2017 والذي شغل خطّة مديرا لمعهد بحوث المخ (1987-1995) BRAIN. هو أحد كبار الباحثين الذين انشغلوا بالخلايا العصبيّة. ورأى شبيل أنّ “الخلايا العصبيّة بدون النّهايات أو التّفرّعات العصبيّة كأنّها أشجار دون أوراق تمتصّ ضوء الشّمس. ولكن حين تنمو هذه الامتدادات أو التفرّعات من الخليّة العصبيّة تبدأ مساحة السّطح في الزّيادة. لتكون مجالا لهبوط المعلومات الواردة التي تنقلها الخلايا والوصلات العصبيّة والنّاقلات العصبيّة. وأنّ منطقة السّطح تمثّل حلاّ عظيما قدّمته الطّبيعة ثمّ استفادت منه. فكما أنّ أوراق النّبات تمثّل السّطح الضّخم الذي يمتصّ الشّمس وكما أنّ 300 مليون من الحويصلات الهوائية الدّقيقة الشّبيهة بالبالون داخل الرئة تساوي في مسطّحها ملعب الكرة هي التي تساعد الإنسان على امتصاص الأكسيجين والتّخلص من ثاني أكسيد الكربون ونفس الشّيء في الأمعاء… حيث أن غشاءها الدّاخلي به ملايين الثّنيات المبطّنة بشعيرات غاية في الدّقة تشبه الفرش متناهية الصّغر. النّهايات العصبيّة هي المنطقة من المخّ المسئولة عن استقبال ومعالجة المنبّهات الشمّية”[3].
وقد لاحظ فريق دياموند حقيقة إضافيّة أنّه في القشرة المخّية “عندما يتعرّض دماغ الإنسان لإصابة في فترة ما من حياته، فإنّ المناطق السّليمة في الدّماغ تعوّض وظائف المناطق المتضرّرة”[4]. وحديثا قام شيبل الذي ركّز جهود بحثه حول فئة المبدعين والفنّانين بتقديم أجوبة واضحة وبيّنة حول إمكانية إثراء المخّ البشريّ. حيث تبيّن له عام 1954مدى جاهزية المخّ البشريّ للتشكّل في أيّ مرحلة عمرية. ومدى قابليّته للتكّيف والتّغير ومجاراة التغيرّات وإتباع برامج ومخطّطات تسطّر له من خلال عملية التّكيف. هذا يحيل على طواعية المخّ البشريّ ومرونته وبلاستيكيّته حيث ذكر أنّ المخّ البشريّ. “يتميّز بالبلاستيكيّة(المطّاطية) القابلة للتشكّل والتشعّب والطّواعية للتغيّر والتكيّف مع المتغيّرات”[5]. و”أنّ الكثير من قدراتنا وميولاتنا ومواهبنا واستجاباتنا تلك التي تتواصل في المخّ في الطّفولة وتصبح القاعدة العقلية التي نقف عليها وننمو من خلالها في حياتنا كلّها”[6].
[7] أستاذة علم التّشريح بجامعة كاليفورنيا. Marion Diamond دياموند ماريان كليفز
ومن روّاد علم التّشريح العصبيّ الذين قاموا تجارب معمليّة عدّة رفقة فريقها أكّدت على مسألة “اكتشاف بلاستيكيّة المخّ (قابليته للتّعديل الذّاتي) ومن هذا الاكتشاف كان مفهوم الإثراء أي خلق بيئة تنشّط المخّ وتتيح للطّفل الفرص لتنمية طاقاته وإمكاناته الكامنة إلى حدّها الأقصى. لقد غيّر مفهوم البلاستيكية والإثراء معادلة الفطرة والاكتساب أو الوراثة أو البيئة لتّراجع الفطرة والوراثة وتتقدّم البيئة”.[8]
أي أنّ المخّ البشريّ لن يبقى جامدا ثابتا لا يتغيّر طيلة فترة عمر الإنسان. إنّما يحاول التجدّد وتعويض ما تلف أو تغيير وظائف أجزائه. ومن هنا تتّضح فكرة البلاستيكية التي تحدّث عنها رائد علم التّشريح العصيّ أرنولد شيبل..أي عملية إثرائه.
ربّما نستطيع هنا الحديث عن مسألتي العمر المصنّع والذّكاء الاصطناعي. فالعمر المصنّع هو أمل الحياة بعد الثّورات الصّناعية والتّكنولوجية والرّقمية. صار يمتدّ إلى فترة متقدّمة من حياة الإنسان. وحسب تقديرات شعبة الأمم المتّحدة للسكّان والإسقاطات الديموغرافية المقدّمة لمنظّمة الأمم المتّحدة سنة 2019 “يتوقّع ارتفاع العمر المتوقّع عند الولادة من 72.6 عاما في عام 2019 إلى 77.1 عاما مع حلول عام 2050”[9] وذلك وفق تقارير صندوق الأمم المتّحدة للسكّان الذي يهتمّ بالمساواة بين الجنسين والصحّة الإنجابية وخاصّة مسألة السكّانوالتّنمية.
ترجع الزّيادة في هذا الوقت المصنّع أو العمر المصنّع إلى تقدّم الطّب وتوفّر الغذاء وتنوّعه ونجاعته. كما يرجع إلى تحسّن ظروف الحياة الاجتماعية والمدنية والتطّور العلميّ والصّناعي الذي جنّب الإنسان عناء قسوة الطّبيعة وشظف الحياة.
علاقة كوفيد-19 ببلاستيكيّة المخّ البشريّ وحلم القرن الأمريكيّ:
في العقود الأخيرة تطوّر أمل الحياة بفضل الوقت المصنّع أو العمر المصنّع. صارت الشّيخوخة تمتدّ وتطول دون عجز أو مرض يقعد أفراد هذه الفئة. برز هذا خاصّة في الدّول النّامية التي شهدت ازدهارا في الخمسينية الأخيرة للقرن العشرين وما بعده. حيث فاق عدد المسنّون قبل جائحة كورونا ما يربو عن سبع مائة مليون نسمة حول العالم أمام تراجع القوى الفاعلة أو العاملة في الدورات الاقتصاديّة. هذا الوقت المصنّع أو العمر المصنّع، صار ترفا علميا وعبئا اقتصاديا واجتماعيا. وجب التخلّي عنه وفق سياسات الدّول المصنّعة والرّأسمالية الغربيّة الماسكة بزمام الحوكمة الخفيّة للعالم. ممّا استوجب التّفكير في قلب الهرم الديموغرافيّ للعالم، باستعمال نفس السّلاح ألا وهو الوقت المصنّع أو العمر المصنّع. التّفكير في التّقليص إلى حدّ أدنى في الشّريحة العمريّة التي تتجاوز الخامسة والستّين أو حتّى ما بعد الخامسة والخمسين. أي الذين هم في سنّ التّقاعد أو على أبواب التّقاعد. للحدّ من نسبة تفاقم تكلفة المعاشات التّقاعدية على الصّناديق الاجتماعية. وثقل عبء هذه الشّريحة على منظّمة الصّحة العالميّة وعلى صناديق التأمين على الأمراض ببلدانهم. خاصّة وأن ّكبار السّن أو من هم فوق الخامسة والخمسين عادة ما يعانون وبنسب مهولة من الأمراض السّارية وغيرها كالسكّري وضغط الدّم وأمراض القلب وتصلّب الشّرايين والغدّة الدّرقية والفشل الكلويّ والأمراض السّرطانية.
يرى صندوق النّقد الدّولي أنّه قد أصبح غير قادر على تغطيّة المتطلّبات المالية للدّول وخاصّة النّامية والفقيرة منها. هذه الدّول التي فاقت نسبة الدّيون التي عليها نسبة الإنتاج وأصبحت غير قادرة على الإيفاء بتعهّداتها تجاهه. فالوقت المصنّع أو العمر المصنّع يعمل الآن على قلب الهرم لفائدة الشّريحة العمرية المنتجة والشبابية، أي لصالح القوى العاملة. لصالح القرن الأمريكيّ وهو القرن الحادي والعشرين الذي كشف عن بعض عراقيل تحقيق هذا الحلم أو هذه الإستراتيجيّة ..حلم السّيطرة على الموارد البشريّة العالمية و على موارده الاقتصاديّة وقواه العسكريّة والدّفاعية. لا دولة إلّا أمريكا ولا قارّة إلا القارّة الأمريكيّة ولا عالم خارج العالم الأمريكيّ.. ربّما يسعون لفرض اللّغة الإنجليزيّة أيضا كلغة أمّ لدّول العالم. سعيا لقتل لغات العالم الأخرى شيئا فشيئا، كما صار مع لغات الأجداد المنقرضة والتي يحاول علماء الآثار فكّ شفرتها ويعجزون عن ذلك في أحايين كثيرة.
فالعقل الأمريكيّ الذي لا يكفّ عن التّفكير يسعى منذ نهاية التّسعينيّات إلى ترسيم حدود ثلاثة أضلاع مثلّث يسبّب لها الكثير من القلق حول مصير أمريكا والتّهديد العالميّ لمشروع القرن الأمريكيّ. فالمتحكّم بأضلاع المثلّث الثّلاثة (السكّان-الاستهلاك- التّكنولوجيا) يتحكّم بالعالم ويترأّس القرن.
حسب تقارير الصّندوق النّقد الدّولي فإنّ ضلع السكّان هو الأهمّ وهو جوهر القضيّة. فالإحصائيات تثبت زيادة ملياران من البشر كلّ ثلاثين عاما. ليصل العدد الجمليّ حسب تعداد 2011 إلى حوالي 7. 7 مليارا.
هذا يعني “يزيد سكّان العالم من 7.7 مليار في الوقت الرّاهن إلى 9.7 مليار مع حلول عام 2050 و أن يصل العدد إلى 11 مليار مع حلول عام 2100. والعامل في هذا النّمو الكبير هو زيادة عدد الأفراد الذين يبلغون سنّ الإنجاب. صاحب ذلك تغيّرات كبيرة في معدّلات الخصوبة وزيادة التّحضّر وتسارع الهجرة ولهذه الاتجاهات أثار بعيدة المدى على الأجيال القادمة.”[10]
القرن الأمريكيّ لا يلائمه هذا الإنفجار السكّاني في العالم لأنّ ما يهمّه ليس “تقاسم الكعكة- الثّروة كما فعلت في عصور دول الرّعاية بعد الحرب العالميّة الثّانية أو حول من سيحصل على أيّ موارد وكيف ومتى. بل تدور حول مسألة بالغة الأهميّة وهي الإبقاء على الحياة”.[11]
حسب ما جاء في تقرير لوغانو “لا يمكن أن يكون لديك اقتصاد عالميّ يثري القلّة بما يتجاوز أيّ نظير تاريخيّ
ويخلق الخاسرين بعشرات الملايين” كما جاء في تقريرهم الخطير “أنّ المحصّلة النّهائية أنّه لا يمكننا الحفاظ على نظام السّوق الحرّة اللّيبرالي ونفس الوقت وفي نفس الوقت الاستمرار في تحمّل وجود الملايين الزّائدة عن الحاجة”[12]
وأقرّ تقرير لوغانو بضرورة الاكتفاء بـ 4 مليارات كهدف إستراتيجيّ. حتّى يتمكّن 15./. من العالم من التمتّع بنتائج العولمة. مشيرا إلى وصف الباقي من البشريّة بأبشع وأفظع وصف. يحقّرها إلى درجة الإقرار بأنّهم نفايات بشريّة وجب التخلّص منها بأبشع الطّرق والوسائل. دون استناد إلى نواميس الأخلاق والمشاعر والإنسانيّة والدّين. وقد عملوا على المسألة حتّى قبل تقرير لوغانو الشّهير. حيث بادروا منذ أواسط الثّمانينيّات إلى إشعال وطيس الحروب والخلافات الدّاخلية بدوّل العالم الثّالث وخاصّة في إفريقيا وآسيا. وحسب الكاتب الرّاحل صلاح الدّين حافظ مقدّم كتاب تقرير لوغانو مؤامرة الغرب الكبيرة لسوزان جورج في صحيفة الوسط البحرينيّة سنة 2008″. المطلوب وفق تعاليم اللّيبرالية الشّرسة كما جاء في كتاب “تقرير لوجانو مؤامرة الغرب الكبرى-أن تصاب ملايين الفقراء بالجوع والموت البطيء يأسا وإحباطا. وإلاّ فماكينة العولمة جاهزة بمزيد من الأوبئة والحروب والصّراعات القاتلة للبشر حتّى ينعم الغرب بمزيد من ازدهاره..”[13]
فالطّريقة “الوحيدة لضمان سعادة ورفاهية الأغلبيّة هي أن يكون مجموع سكّان الكوكب أقل نسبيّا. لذلك فانّ إستراتيجيّة خفض عدد السكّان الشّديدة وإستراتيجيّة منع الإنجاب، هي ضرورة اقتصاديّة واجتماعيّة وبيئية”.[14]
أيّ “ستطال عمليّات التّدمير التي ينتجها التوسّع الرّأسمالي كلّ أبعاد الواقع الإنسانيّ والاجتماعي…لقد خرجت الرأسماليّة من خطّها الصّاعد الايجابيّ تاريخيّا. المتميّز بسيطرة الجوانب الايجابيّة في الترّاكم ودخلت مرحلة انحطاط خطير، مطبوع بالاحتمالات المفجعة لنتائجه التدميريّة”[15]. بمعنى “فالمستقبل لم يعد نتاج مشروع إنسانّي يعي إمكانيّاته، بل نتاج قوى عمياء تفرض نفسها على الإنسانيّة-قوانين السّوق- لم يعد هناك من مستقبل بالمعنى البنائيّ بل قدر غامض مجهول”.[16]
إذا بعد الطّفرة السكّانية وخاصّة في آسيا وإفريقيا، وبعد انخفاض نسبة الولادات والخصوبة في العالم المتقدّم وتزايد نسبة التهرّم في العالم ككلّ. وانخرام طبقة الأوزون. والاستهلاك المشطّ للطّاقة والموارد الطّبيعيّة. وشحّ الميّاه وازدياد الفقر في العالم الثّالث أو الرّابع، كما يقع تصنيف بعض البلدان في خانته. تزايد الطّلب على الاقتراض من صندوق النّقد الدّولي أمام العجز الكليّ عن الدّفع. وأمام تفاقم أمراض الشّيخوخة والأمراض المناعيّة مثل السرطان وفقدان المناعة المكتسبة وغيرها.. وأمام تفاقم معضلة البطالة في صفوف قوى الشّباب كان التّفكير والتّخطيط والشّروع في تنفيذ تقرير لوغانو. للتّنقيص من عدد السكّان إلى النّصف تقريبا أو أكثر. ليعمّ حسب مزاعمهم الرّخاء للمتبقّين ويتحقّق حلم القرن الأمريكيّ. ويقع تغريب واستلاب وتهجين وطمس جميع الثّقافات والحضارات الأخرى.
بشاعة التّقرير تنمّ عن بشاعة الوسائل التي ستعتمد للتّقليل من سكّان العالم. وعن النّتائج الأكثر خطورة والأكثر بشاعة مما خطّط له. يحيلنا هذا الاستنتاج على ما ليس أقلّ بشاعة من تقرير لوغانو وهو وثيقة بريطانيّة مسرّبة في مجلّة الغارديان. تكشف علم الحكومات الغربيّة بكورونا قبل ظهورها “يمكن أن تحدث جائحة تأتي على ما يصل إلى ثلاث موجات مع توقّع أن تستمرّ كلّ موجة 15 أسبوعا.. وستحدث أسابيع الذّروة في الأسبوعين 6 و7 في كلّ موجة. يصاب 50 في المائة من السكّان بأعراض الأنفلونزا الوبائيّة خلال الموجة الأولى أو أكثر.
وسيكون العدد الفعليّ للأشخاص المصابين أعلى من ذلك حيث سيكون هناك عدد من الحالات لا تعاني من أعراض. ويمكن أن تؤدّي ذات ضراوة معتدلة إلى 65600 حالة “.[17]
وفق إستراتيجيّة العمر المصنّع أو الوقت المصنّع صار العالم لعبة الدّول الرأسمالية المتحكّمة باقتصاد السّوق وبالعولمة و”اللّعبة الآن هو أن تركّز السياسة ليس على الحيوية، بل على الوفيّات، لتعزيز التّخفيض وليس الإنجاب. مقابل ثمن (يجب أن نكون مستعدّين لدفعه)، وبقوّة سياسيّة كافية لتحمّله، يمكن القيام بذلك”[18].
كما بيّن التّقرير وهم البشريّة بفاعليّة منظّمة اسمها الأمم المتّحدة. وبيّن التّغوّل أو التّدنصر الأمريكيّ. هذا يترجم تصريح أحد أهمّ العقول الأميركيّة والمخطّط الإستراتيجيّ الأميركيّ جورج كينان “إنّنا نستحوذ على خمسين في المائة من ثروات العالم، ولكن ليس لدينا سوى 56.3 في المائة من عدد سكّانه، في مثل هذا الموقف تكون مهمّتنا الحقيقيّة في الفترة المقبلة هي الإبقاء على هذا الوضع من التّفاوت، وحتّى يتسنّى لنا ذلك، لابدّ لنا أن نتحلّل من كلّ المشاعر العاطفيّة… ينبغي أن نتوقّف عن التّفكير في الحقوق الإنسانيّة، وفي رفع مستويات المعيشة وإقرار الديمقراطيّة”[19]“.
وفق طرح ابن خلدون في العمران البشريّ الذي أشار إلى أنّ كلّ أمّة تذهب إلى ضئالتها واضمحلالها حين تصل أوج حضارتها وظلمها وبطشها ،أمريكا هي الدّيناصور الذي يريد أن يبتلع سكّان العالم قبل انقراضه.
وهكذا” يتضايق نطاق كلّ دولة على نسبة نطاقها الأوّل. ولا يزال طورا بعد طور إلى أن تنقرض الدّولة. وأعتبر ذلك في كلّ دولة عظمت أو صغرت. فهكذا سنّة الله في الدّول إلى أن يأتي ما قدّر الله من الفناء على خلقه”.[20]
تغوّلت أمريكا وتدنصرت بالأموال العربيّة المرحّلة إلى هناك بموجب وبغير موجب. الأموال التي تضخّ في بلعوم الدّيناصور ثمن الكراسي غير المشروعة وثمن سكوت الآخر. الآخر المتزعّم لمواثيق حقوق الإنسان، السّاكت عن البطش والظّلم وغياب حرّية الرّأي والتّعبير. هي ثمن تغييب الديّمقراطيّات، أو الإجهاز على الجنينيّ منها. وهو ما ترجمته سوزان جورج في كتابها الخطير عن تقرير أخطر وهو لوغانو “المال الوفير هو من البدو الرحّل ويسافر بسرعة بايت”.[21]
إذا بمالنا الوفير الذي يرحّل إلى أمريكا بنصيب الأسد وإلى عدّة دول غربية أخرى يقرّر في غرف مظلمة مصيرنا ومصير الشّعوب المستضعفة مثلنا. ويقرّر إن كنّا سنعيش أم لا؟. وما العدد المحدّد لسكّان العالم؟ هذا ما فسّر ربّما تواتر ظهور الفيروسات كسبيل للفتك بالبشريّة مثل فيرروس ايبولا 1976. بوريليا برغدورفيرية 1982 فيروس نقص المناعة (الايدز) 1983. التهاب الكبد 1989، أنفلونزا الطيور 1997، فيروس سارس2002. أنفلونزا الخنازير 2009، فيروس كوفيد-19.
وإن تمعّنا في أعراض كوفيد-19 نرى أنّها تتشابه مع أعراض بعض الفيروسات الأخرى وأقربها الإيبولا. حيث يلتقيان في بعض الأعراض، كالحمّى والآلام العضليّة وألام الرّأس والتهابات الحلق والإسهال وألام المعدة.
من هنا نستطيع أن نقول أنّ فيروس كوفيد -19 هو فيروس مخبريّ مصنّع من سلالة الفيروسات المتواترة في الظّهور منذ أواسط السّبعينيات.
كما يحيلنا على فكرة أنّ الدّول الغربيّة ذات الكثافة السكّانية العالية وذات التّهرّم السكّاني الكبير تريد أن تخفّف حمل المعاشات الاجتماعيّة على الصّناديق الاجتماعية وحمل صناديق التّعويض عن المرض. تعاضدها في هذا التّمشي بعض الدّول الآسيويّة ذات الكثافة الأعلى في العالم كالصّين والهند. طبعا المشروع بزعامة الولايات المتّحدة الأمريكيّة، التي تريد أن تتخلّص من مسنّيها ومن مسنّي العالم ومن مرضاها وكلّ مرضى الأمراض السريرية في العالم ..
تسعى جاهدة إلى تقليص عدد سكّان العالم وتخفيض العدد إلى النّصف. أي إلى 4 مليارات نسمة كما نصّ تقرير لوغانو. الأفواه التي تأكل ولا تنتج والأعداد الزاّئدة عن الحاجة يجب التجرّد من المشاعر والإنسانيّة والتخلّص منها. فهي بنظرهم نفايات البشريّة. هذا المشروع البشع والخطير إنسانيا للتحكّم بالموارد الطبيعيّة وخاصّة الطّاقة والموارد التّكنولوجيّة والبيئة والغذاء.
صحيح أنّ الدّول الغربيّة مشاركة في تقرير لوغانو ومنخرطة في مشروع تنفيذه لأنّ القارّة العجوز تهرّمت وآن أوان تشبيبها. والدّول الآسيوية ذات الكثافة السكّانية الأعلى في العالم ترغب جاهدة في تقليص عدد سكّانها والتخلّص خاصّة من المسنّين والمرضى بفعل مطامح السّيطرة على العالم و من هذه الدول الصّين وروسيا..لكن هل تترك امريكا ذلك وهي الحالمة بالقرن الامريكي.
أمريكا وروسيا والصّين هي دوّل تتزاحم على امتلاك العالم والتحكّم بزمامه وأزرار ومفاتيح ثروته. لكنّ أمريكا دائما لها تقاريرها السرّية واستراتيجيّاتها الخاصّة بالأمن القوميّ، تقرّ أن لا دولة سيادة على العالم إلاّ أمريكا وأنّ القرن الحادي والعشرين هو القرن الأمريكيّ.
فالتّدنصر الأمريكيّ، أصبح مكشوفا منذ التّسعينيّات، بإقامة الحروب في أكثر من واجهة وأكثر من دولة. وإثارة فتن الحروب الأهلية والنّعرات القوميّة في أكثر من دولة من العالم. وتغذية الإسلام السّياسيّ في الدّول الإسلامية والعربية. بغية بيع السّلاح وإضعاف الدّول المتحكّمة بالموارد الطّبيعية والحدّ من عدد سكّانها الشّباب. لكن حتّى هذه الإستراتيجيّة لم تجد نفعا كبيرا حسب المخطّط الأمريكيّ. لابدّ من فيروس يفتك بالبشريّة وخاصّة ببلدان العالم الثّالث ويمسنّي ومرضى العالم.
فالإمبراطوريّة الأمريكيّة العالميّة المنشودة لا مرضى ولا مسنون بها. لا أفواه تأكل ولا تنتج. لا دول قويّة تقف في طريقها وأمام مشروعها الحلم- القرن الأمريكيّ.
خسارات كوفيد-19 هي أعمدة جسر الولايات المتّحدة الأمريكيّة للعبور إلى القرن الأمريكيّ.. أمريكا العالم- العالم أمريكا. لا دوّل ولا قوميّات ولا لغات ولا أديان إلاّ ما تريده أمريكا. أمريكا بصدد العبور إلى حلمها وإلى مشروعها، إلى القرن الأمريكيّ. إلى الإمبراطوريّة الأمريكيّة العالميّة، إلى أمريكا العالم والعالم الأمريكيّ. على جثث البشريّة المكدّسة في المقابر الجماعيّة والمحروقة في الأفران.. هي باختصار تعبر على جسر من جثث.
لن يقف تقرير لوغانو عند بثّ فيروس كوفيد-19 وانتشاره وفتكه بالبشريّة. بل هناك ما هو أشرس وأفظع وأبشع في هذا المشروع وهو اللّقاح الأمريكيّ المزعوم. اللّقاح الذي سيأتي للإنعاش الاقتصاديّ كما صرّح المدير العام لمنظّمة الصحّة العالميّة السّيد تيدروس ادهانوم غيبريسوس “أنّ الإنعاش الاقتصاديّ في العالم قد يأتي بشكل أسرع في حالة توفير أيّ لقاح يتوصّل إليه لمرض كوفيد-19 كسلعة عامّة للجميع”[22]. و قال” مشاركة اللّقاحات أو مشاركة أدوات أخرى تساعد العالم في واقع الأمر على التّعافي بشكل جماعيّ. إذ يمكن أن يأتي التّعافي الاقتصاديّ بوتيرة أسرع وقد تصبح الأضرار النّاجمة عن كوفيد-19 أقلّ”[23].
وقال ترامب في مؤتمر صحفيّ بالبيت الأبيض “الإدارة نشرت خطّة توزيع اللّقاح إلى المواطنين الأمريكيّين في دور الرّعاية أولا”. [24]
نشدّد هنا على كلمة دور الرّعاية أوّلا ونضع تحتها أكثر من سطر، إذا ما رجعنا لتقرير لوغانو الذي ينصّ على التخلّص من فئة المسنّين. لهذا فاللّقاح الأمريكيّ المتسرّع سيضرب أكثر من عصفور بحجر واحد. بداية حملة ترامب الانتخابيّة، ثانيا الإنعاش الاقتصاديّ بالتّرويج لنجاعة اللّقاح الأمريكيّ. هذا اللّقاح الأمريكيّ الآتي على عجل إلى السّوق الأمريكيّة لإنجاح حملة ترامب الانتخابيّة. سيعطى أولا لفئة المسنّين ككبش فداء لتجربته على نطاق أوسع..المسنّون هنا سيكونون فئران تجارب اللّقاح الأمريكيّ المزعوم الذي تروّج له شركة أس كي بيوسينس Sk Bioscience ومقرّها في كوريا الجنوبيّة المدعومة من مؤسّسة بيل وميليندا غيتس.
بين أسعار بيل غيتس للجرعة الواحدة وأسعار شركة موديرنا الأمريكيّة بونا شاسعا يثير الشكّ والرّيبة. فالأولى تقول ستكون الجرعة بـ 3 دولارات في الدّول النّامية والثّانية تقول بـ 74 دولار للأمريكان. الاثنان يسعيان لمزيد الإثراء المالي بتعويل الأولى على الأعداد المهولة من السكّان في الدّول الآسيويّة والدّول النّامية. والثّانية على ثمن الجرعة المشطّ الذي سيحرم الملايين من تناولها لقلّة ذات اليد.
الأولى رخيصة إلى حدّ الشكّ فيها والثّانية مشطّة في سعرها إلى درجة الشكّ في الغرض من ارتفاع سعرها.
تحوم حول شركة بيل غيتس الكثير من الشبهات من خلال شراكة “غافي” وهو تحالف اللّقاحات الدّولي الذي يضطلع بمهمّة توفير اللّقاح للدّول النّامية. وقد صرّح الرّئيس التّنفيذي لمعهد الأمصال الهنديّ “أنّه من خلال هذه الشّراكة ستسعى الهند إلى زيادة الجهود المستمرّة لإنقاذ حياة ملايين الأشخاص من هذا المرض الخطير. ويعدّ معهد اللّقاح الهنديّ “سيروم” المورّد الرّئيسي لمنظّمة الصّحة العالميّة وهو أكبر منتج في العالم من حيث الحجم حيث يقدم1.5 مليار جرعة لقاح سنويا”.[25]
يصرّح ترامب بأنّه سيكون هناك ملايين الجرعات للأمريكيّين ويصرّح بيل غيتس بأنّه سيوفّر ملايين الجرعات للدّول النّامية. يعني اللّقاح الموجه لمجابهة فيروس كوفيد-19ليس واحدا. هناك لقاح للأمريكيين وللأوروبيين في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا وهناك لقاح للدول النامية. أي هما لقاحان يختلفان من حيث الترّكيبة والمصدر والسّعر والنّجاعة.
هذا ما يعزّز الشكّ الحائم حول بيل غيتس وأمريكا ويرجّح نظريّة المؤامرة البيلغيتيسية (بيل غيتس) الأمريكيّة تجاه البشريّة”. شريحة سيحقن بها كلّ البشر تحت مسمّى لقاح كورونا. هو مشروع عملاق تطبخه النّخب العالميّة روكفلر روتشيلد لرقمنة كافّة نشاطاتنا المجتمعيّة (مال-تعليم-اقتصاد صحّة).
وهي هوية رقمية تزرع في جسد الشخص وتعطيه رقما موحّدا عالميّا. ID2020 بواسطة شريحة
البعض يرجّح أن بيل غيتس هو مصدر فكرة المرض واللّقاح. أما فكرة كورونا فقط لإقناعكم بالمصل. والذي سيكون عبارة عن شريحة صغيرة تزرع في جسمك فيها كلّ معلوماتك..شريحة الديجيتال الدجالية أو سمة الوحش ترقيم666″.[26]
إذا تمّ هذا المشروع الماسوني فإنّ أعدادا مهولة وبشكل رهيب ومخيف ستموت وخاصّة في الدّول النّامية التي يجهّز لها لقاحا وحدها لا يعطى لغيرها.
بما سبق وتحدّثنا عن نظريّة بلاستيكيّة المخّ البشريّ. ولا أستبعدID2020 نربط هذا اللّقاح المتمثّل في شريحة تورّط الرّؤوس المدبّرة للسّياسات الأمريكيّة من استخدام شركة بيل غيتس لهذا الغرض. أي للسّيطرة على المخّ البشريّ. بالتاّلي إمكانية أن يكون لكلّ إنسان يعيش على البسيطة شريحة تسيّرها غرفة تحكّم هناك، في أمريكا. الإنسان الرقم، أي تحوّل أمريكا بكل ّكلاكلها إلى غرفة مخابراتيّة عظمى. غرفة لتسيير المخّ البشري أينما كان الإنسان. مراقبته وتسييره عن بعد بأقلّ التّكاليف وأكثر نجاح ونجاعة.
لكن ألا يمكن للبشريّة في العالم النّامي أن تتجنّب استعمار كوفيد 19 للمخّ البشريّ والشّفاء منه دون دواء خاصّ به أو لقاح إذا ما تعذّر عليها اختراع المصل المطلوب ؟.
بالرغم من أن عديد تجارب اللقاح في الدول الغربية قد استؤنفت إلا أنّه بإمكان العالم النّامي التعويل على بعض التّجارب والمخابر الذّاتية. وبإمكان الدّول العربية أن تثق في بعض خبراتها العلمية وفي أدمغتها في الدّاخل والخارج. فالغرب نسر بأجنحة عربية وهي أدمغتنا المهاجرة التي لو لم تجد التّهميش والقتل المعنويّ ما هاجرت. وما فضّلت أن تكون أجنحة للآخر وهي تعلم جيّدا أنّها لو وجدت ثلت الحظوة التي تجدها عند الدّول الغربية ما اختارت أن تكون هذه الأجنحة ويكون علمها وبالا على الدّول الأم. الدّول التي أنفقت مليارات الدّولارات على أدمغة تقود العالم الغربيّ الآن إلى مصاف تقدّمه وتميّزه وتقود أمريكا إلى قرنها المنشود- القرن الأمريكيّ.
هناك تجربة عربيّة رائدة في مجال الأمصال والتلاقيح وتقع في تونس. وهي تجربة معهد باستور العريقة. فالمعهد عمره أكثر من مائة سنة. نجح في توفير عديد التلاقيح. وهو معهد موثوق وينضوي ضمن مجمّع معاهد باستور المتفرعة في العالم عن معهد باستور الأصل المتمركز بفرنسا.
انكبّ علماء معهد باستور التّونسي منذ بداية انتشار الجائحة على اختراع تلقيحا للتوقّي من الجائحة والوباء الفيروسيّ. التّجربة الآن قبل المرحلة السريريّة. لكن معهد باستور التّونسي يعوزه التّمويل وبحاجة للأدمغة التّونسية والعربية المهاجرة، لتعزيز قدراته العلمية والمالية.
نظرا للثّقة الكبيرة والسّمعة الطيّبة التي يتمتّع بها المعهد فإنّ التلقيح الذي سيخترعه سيكون أمل البشريّة في العالم العربيّ والعالم النّامي.
لكن هل يعي العرب قيمة هذا المعهد؟. هل تعي الدّول البترولية في الخليج مدى حاجة هذا المعهد لوقفة عربية؟.
ولنسبة من الأموال المرحّلة إلى الغرب بصفة عامّة وإلى أمريكا خاصّة؟. هل فكّر العرب في نجاة شعوبهم من مخطّط لوغانو القذر والفظيع ؟. هل فكروا في الكفّ عن تبعيّة الآخر حتى في إمكانية بقائهم على قيد الحياة؟. معهد باستور هو أمل العرب الوحيد وهو أمل كل الدّول النّامية. هو طريق النّجاة على كلّ الأصعدة لكلّ العرب ولكلّ المساهمين والدّاعمين له ماديا ولوجستيا من العرب. هو الحلّ المناسب لإثبات الذّات واسترجاع المكانة العلميّة والطبيّة العربيّة وإنقاذ ملايين الأرواح.
وفي انتظار بارقة الأمل الوحيدة من معهد باستور بالإمكانيات المتواضعة..علينا أن نفكّر في طريقة للتوقّي من فيروس كورونا باستعمال نفس سلاحهم ضدّنا لصالحنا وهو بلاستيكيّة المخّ البشريّ.
فالمخّ البشريّ كما أسلفنا الحديث، له قابلية الإثراء ويسمح بالاشتغال عليه. سواء لتعويض الخلايا الميّتة أو لإثراء واستعمال الخلايا الموجودة. ستستفيد من هذه العمليّة كافّة الفئات البشريّة من اليوم الأوّل للولادة إلى الشّيخوخة الطاعنة. كيف ذلك؟.
بمعرفة كلّ فرد لإمكاناته الخاصّة أي إمكانات مخّه وعقله المفكّر وإمكانات مواهبه وسبل عبقريته. على حامل الفيروس أو المصاب بكوفيد-19 أن لا يستكين للفيروس الجبان المتخفّي ببروتين يخاتل القشرة المخّية وغلاف الخليّة البروتيني ليتسلّل إلى جسده ويتمكّن من أعضائه الحيوية. ممارسة الريّاضة تحدّ من فاعلية الفيروس في تجلّط الدّم والتحكّم بكميّة الأكسيجين في الرئتين وكيفية زيادتها. بالتّالي سيعمل القلب جيّدا والدّماغ جيّدا. وهكذا يبعد خطر السكتات القلبيّة والدّماغية. كما أنّ ممارسة المواهب التي يحبّها المصاب كالرّسم والنّحت والاستماع إلى الموسيقى والغناء والقراءة والكتابة أو حتى موهبة البريكولاج تبعد الوهن عن الجسد. وتقوى عضلاته و تتغلب عن الوجع الذي يصاحب الكورونا ويجعل الجسد أكثر نشاط ويبتعد عن السكون والخمول الذي يضعفه ويتعبه. علاوة على هذا سينشغل المصاب عن التّفكير بالغول كورونا وما سيفعله بأعضائه الحيويّة وبجسده ككلّ ويكفّ عن التّفكير بالموت وينسى الوقت ويمضي الزّمن به إلى برّ الأمان..إلى الشّفاء التّام بإذن الله.
طبعا هذا يعزّز بحمية غذائيّة غير مكلفة نسبيّا في ظلّ غياب الدّواء الخاصّ بكورونا. أولا شرب الماء بكميّات كبيرة. ثانيا تناول الفواكه والخضروات التي تحتوي على فيتامين سي وعلى الزنك تلك التي تقوي المناعة. مثلا الخضراوات الورقية وذات اللّون الأخضر وكلّ الخضروات. وعندنا في تونس والحمد لله تقاليد تناول الخضر والفواكه الغلال الطّازجة وقد حبا الله بلادنا بخيرات وفيرة ومتنوّعة منها. تناول المكسّرات باعتدال وتناول الأسماك واللّحوم باعتدال أيضا. و إن لم تتوفّر أدوية تمييع الدّم التي يجب أن تؤخذ باستشارة طبيب فهناك السّلطات وخاصّة سلطة الفجل. وأكل ثلاث تفّاحات يوميا. مريض السكّري يمكن أن يكتفي بتفّاحتين صغيرتين أو تفّاحة كبيرة يوميّا لأنّ غذاءه لا يفتقر للسّلطة..مع المراقبة المستمرّة لنسبة السكّري بالبيت والحرص على تناول الأدوية بجملة الإجراءات السّابقة، من العمل على التّعويل على الإمكانات العلمية العربيّة و تعزيزها كمعهد باستور التونسي. والوعي ببلاستيكيّة المخّ البشريّ وقابلية الإثراء لديه. وتطوير المواهب والإمكانات الجسديّة والفكريّة والفنية. وبتناول غذاء متوازن وتطبيق بروتوكول غذائي وبعدم الانقطاع عن تناول أدوية الأمراض السريرية وتناول مخفّضات الحرارة. سيكون الشفاء بإذن الله.. ولن تقتل منا الجائحة الأعداد التي خططوا لها في تقرير لوغانو.
خاتمة:
ذكر أرنولد شيبل بأنّه يمكن إثراء المخّ البشريّ حتّى في عمر متقدّمة والتحكّم في أعصاب الشّخص وتسييره واستعمال قابلية المخّ البشريّ للتمطّط. ليس التمطّط البيولوجيّ إنمّا التمطّط الفكريّ والمعلوماتي والأخلاقيّ وتوجيهه والتحكّم بغرفه الإدراكيّة والحسيّة والفكريّة والبيولوجيّة. وهو المشروع العظيم والرّائع لبيل غيتس الماسك بزمام الرّقمنة العالمية ولأمريكا التي ستسير كلّ فرد يمشي على البسيطة وتحرّكه كما تحرّك بيادق الشّطرنج. إنّه القرن الأمريكيّ بامتياز: التحكّم بالبشريّة وبالمخّ البشريّ. وإخضاع كلّ البشر تحت سيطرته وقيادته ولخدمته. أمريكا هي الهويّة والذّات للبشريّة وكلّ من سواها جنود لخدمتها باقتدار وبوفاء وبطواعية ودون احتجاج أو رفض أو تعنّت أو حروب، البشريّة الخاضعة، القطيع الذي سترعاه أمريكا. فظيع جدّا ومؤلم جدّا هذا القرن –القرن الحادي والعشرين، ستغيب فيه إنسانية الإنسان. إنّه قرن الإنسان الآلة، الذي يستجيب بزّر تحكم من بعيد. لن يستحقّ هذا الإنسان أن يصبغ عليه اسما عند ولادته، بل يكفي الرّقم. عميل رقم كذا، في القارّة كذا، في المكان كذا، ليتعرّف عليه وليقوم بكلّ ما يطلب منه. لن يحتاج الإنسان في القرن الأمريكيّ لا اسما ولا بطاقة هويّة ولا جواز سفر، رقمه كاف لكلّ هذا الإنسان الشّيء..الإنسان الرّقم..أيّ فظاعة هذه يا ابن الإنسان… هل رجعت لذئبويتك؟./.
هوامش